ولكنه كان سائسا رفيقا، فكره أن يقول بايعوني، ليكونوا هم الذين يطلبون منه ذلك ويريدونه عليه، ويظهرون حب تقديمه، لتكون النفوس بطاعته أسمح، وفيها أرغب، ولمذهبه أحمد، ولان ذلك عندهم أبعد من الاستبداد عليهم. والافتيات بالامر دونهم، والحرص على التأمر عليهم. ولذلك مشى في الناس بعد بيعته ثلاثا يقول: هل من مستقيل فيقال؟
وقد قال في خطبته بعد البيعة:
وقد كانت بيعتي فلتة، وخشيت الفتنة، وأيم الله ما حرصت عليها يوما ولا ليلة، ولا سألتها الله في سر ولا علانية، ومالي فيها راحة.
وقد قلدت أمرا عظيما مالي به طاقة، ولوددت أن أقوى الناس عليها مكاني.
ألا ترى زهده فيها (1)، وقلة حرصه عليها، وكيف يخبر أنه لو لم يخش الفتنة ما قبلها، ولود أن أقوى الناس عليها مكانه؟!
وقوله " لوددت أن أقوى الناس عليها مكاني " يقول: وددت أنه لو كان في الناس من هو أقوى عليها منى. ليس (2) أنه يرى أن في الأرض يومئذ رجلا هو أقوى عليها منه.
ومثل هذا في كلام العرب كثير.
وقال الراجز (3) وذكر إبله فقال، إذا كانت عليها مغارضها (4):