العثمانية - الجاحظ - الصفحة ١٧٩
فقال: دعوا ودعينا، فأسرعوا وأبطأنا [ولئن حسدتموهم (1)] على باب عمر لما أعد الله لهم في الجنة أعظم.
فما في الأرض عاقل يظن أنه يأذن لسلمان قبل أبي سفيان بن حرب وسهيل بن عمرو، ويوليه بلاد كسرى وآل كسرى، وسلمان عنده ظنين في بيعة أبى بكر وناقم عليه.
وقد بارك عمر أبا بكر (2)، في خالد بن سعيد بن العاص، حين عقد له على أجناد الشام، لكلمته التي كانت في بيعة أبى بكر، حتى عزله.
فكيف يحتمل لسلمان الطعن والخلاف ثم لا يرضى له إلا بالولاية على بلاد كسرى، وسلمان لا يجرى عند عمر مجرى خالد ولا قريبا؟!
ففي هذا دليل على أن سلمان لم يقل: " كرداذ ونكرداذ (3) ". وإن كانت هذه الكلمة حقا كانت ترجمتها بالعربية: صنعتم ولم تصنعوا.
يقول: قد أقمتم فاضلا مجزيا ولو كان غيره كان أفضل منه.
وأخرى فلو كان سلمان كان عنده أن النبي صلى الله عليه كان قد

(1) مكان هاتين الكلمتين بياض في الأصل، وأثبتهما مما سيأتي في كلام الجاحظ في الورقة 162 من المخطوطة. وجاء في صفة الصفوة 1: 307: " فقال أبو سفيان: لم أر كاليوم قط يأذن لهؤلاء العبيد ونحن على بابه لا يلتفت إلينا؟! فقال سهيل بن عمرو - وكان رجلا عاقلا - أيها القوم إني والله لقد أرى الذي في وجوهكم، إن كنتم غضابا فاغضبوا على أنفسكم، دعى القوم ودعيتم فأسرعوا وأبطأتم، فكيف بكم إذا دعوا يوم القيامة وتركتم؟! أما والله لما سبقوكم إليه من الفضل مما لا ترون أشد عليكم فوتا من بابكم هذا الذي كنتم تنافسونهم عليه ".
(2) باركه: أدام له التشريف والكرامة.
(3) انظر ما سبق ص 172.
(١٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 174 175 176 177 178 179 180 181 182 183 184 ... » »»