العثمانية - الجاحظ - الصفحة ١٨١
الله عليه ربما كانت له الحاجة إلى النبي عليه السلام، فيكبر النبي صلى الله عليه ويعظمه عن مواجهته بها، فيكلف ذلك المقداد.
من ذلك حديث هشام بن عروة، عن أبيه في الرجل إذا دنا من المرأة فأمذى ولم يمسها، فاستحيا على أن يسأل النبي صلى الله عليه عن هذا من أجل ابنته، فقدم المقداد فسأله، فقال النبي عليه السلام:
" يغسل ذكره وأنثييه ويتوضأ ". وغير ذلك.
والأغلب علينا (1) أن المقداد لم يزل متنكرا لعلى، لان المقداد حين خطب ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب إلى النبي صلى الله عليه، بعث النبي إليها عليا بذلك يخبرها، وأنه قد رضيه لها، فكره على ذلك فرجع إلى النبي صلى الله عليه، وقال: رأيتها كارهة، فأرسل النبي إليها رسولا فقالت: أولم أخبر عليا أنني قد رضيت لنفسي بما رضى به النبي؟! فقام النبي صلى الله عليه خطيبا فحمد الله وأثنى عليه ثم قال:
" يا علي قم فانظر من عن يمينك وعن شمالك. واعلم أنه ليس لك فضل على أسودهم وأحمرهم (2) إلا بالدين ". فهذا قد روى، والله أعلم.
ولم يرو عن المقداد الطعن على أبى بكر في خلافته ليؤكد بذلك لعلى شيئا.
وأقل ما ينبغي للمتكلم أن يعرف فروق الأمور، فإنه إذا عرف ذلك لم يتعلق من الأسباب إلا بأمتنها. فأما تجريد الباطل وكثرة الدعوى بلا سبب، فهذا جهد العاجز.

(1) لعلها " عندنا ".
(2) الأسود والأحمر: العرب والعجم.
(١٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 176 177 178 179 180 181 182 183 184 185 186 ... » »»