في الدهماء، ما تقدم بنى عبد مناف، وكان أسامة لا يستطيع أن يبدي في دهر عمر من ذلك شيئا، لشدة عمر في تعظيم أبى بكر، لان الطعن في أبى بكر راجع على عمر، وأن رعية عمر هم رعية أبى بكر وكذلك كان أسامة في دهر عثمان، لأنه نسق واحد وسبيل واحدة.
قيل لهم: فما منعه أن يتكلم في دهر على ومع علي يومئذ مائة ألف سيف يطيعه. وهل عندكم في أسامة أكثر من أن تدعوا على ضميره غير ما يدل عليه ظاهر عمله؟! وإن أولى الناس ألا يحتج بأسامة لأنتم، لان أسامة هو الشاهد لطلحة على على، حين قال على:
بايعتني ونكثت بيعتي. قال طلحة: " بايعتك واللج على قفى (1) ".
واستشهد أسامة. فقال أسامة: أما السيف على قفاه فلم أره ولكن بايع وهو كاره. في أمور كثيرة تدل على أن أسامة كان عمريا، ليس هذا موضع ذكرها. فهذا هذا.
وفى إطباقهم جميعا يدعونه خليفة رسول الله من تلقاء أنفسهم، لا مكرهين ولا مقهورين، لم يرفع عليهم سوط ولا شهر (2) سيف، ولا سمعوا وعيدا، ولا رأوا لذلك أثرا، ولا رأوا منه إمرة لبعض العشائر، فيخافون أن يتقوى بهم عليهم، مع كثرة العدد واختلاف الأنساب وتفرق الأهواء، و [في] الذي قبله، دليل على ما قلنا، وحجة على الذي ادعينا.