العثمانية - الجاحظ - الصفحة ١٩٠
وأما ما ذكرتم من ترك خالد بيعة أبى بكر ثلاثة أشهر فإن الذين نقلوا هذا هم الذين نقلوا أن خالدا يوم توفى النبي صلى الله عليه كان على صدقات اليمن، فقدم بعد أن بايع الناس أبا بكر، فلما دخل المدينة استقبله عثمان وعلى فقال لهما: أرضيتم معشر بنى عبد مناف أن يلي هذا الامر عليكم غيركم؟ فلم يذكر لنا أنهما ردا عليه قولا، ولا أظهرا قبوله. ثم جلس عن بيعته لا يسأله ذاك أبو بكر ولا يدعو إليه، فبينما هو كذلك إذ مر أبو بكر بدار خالد مظهرا (1).
لبعض الامر، وخالد في داره. فلم عليه أبو بكر فقال له خالد: أتحب أن أبايعك؟ قال: أحب أن تدخل في صالح ما دخل فيه المسلمون. قال له خالد: موعدك العشية: فأتاه وهو على المنبر فبايعه.
ففي هذا وجوه من الكلام:
منه أن خالدا لم يطعن في إمامة أبى بكر من جهة الجزء (2) والكفاية والكمال والفضل، ولا من طريق ما تفسد به الإمامة وتنتقض به الخلافة وإنما ذكر الحسب وطرائق (3) الجاهلية، وهذا الامر إن كان مقصورا في قوم (4) دون قوم، فليس هو في بنى عبد مناف عامة. وإن كان ليس [مقصورا] في قوم، وليس لقول خالد معنى، فإن كان مقصورا في عبد مناف للشرف أو للقرابة، فالعباس أولى بذلك من على وجميع عبد مناف.

(1) أي في وقت الظهيرة.
(2) الجزء: الكفاية والغناء، وفى الأصل: " الحرو ".
(3) في الأصل: " طرئق ".
(4) في الأصل: " ففي قوم ".
(١٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 185 186 187 188 189 190 191 192 193 194 195 ... » »»