وعملا، وطريقة وعزما. فما ظنك بالسلف الطيب، والخيار المنتخبين، وأس الاسلام ومرسى قواعده.
وذلك أن أبا بكر لا يخلو حيث أسلم أن يكون أسلم قبل الناس، أو ثانيا، أو ثالثا. فإن كان إسلامه قبل الناس فقد تبين للثاني تقدمه، وللثالث تقدمهما عليه. فإذا كانوا ثلاثة لم يخف عليهم أيهم أفضل.
ثم إن أسلم بعدهم نفر لم يخف أيضا قصة الثلاثة المتقدمين. وكلما أسلم قوم لم يخف عليهم حال الأفضل بالذي يرون عند من أسلم قبلهم.
فكانوا كذلك ثلاثا وعشرين سنة.
فقد أيقنا أن القوم لم يؤتوا في تقديم أبى بكر من الجهل بموضع الفضل، أطاعوا الله في إقامته أم عصوه. وكذلك لو كانوا قدموا غيره ما كانوا إلا متعمدين. وذلك أن الافعال إنما تدل على ظاهر عدالة الرجل وفضيلته، ولا تدل على باطن طهارته (1) وإخلاصه.
وقول الرسول صلى الله عليه في الرجل ومديحه له وإخباره عن فضله ومنزلته، والوحي ينزل عليه صباح مساء، أدل على طهارته وإخلاصه.
وإذا كان العبد كذلك كانت النفوس إليه أسكن، وكان من التبذل (2) أبعد، مع السلامة من النفاق، والدخل في الاعتقاد، لان (3) الغلط في خبر الرسول صلى الله عليه ونصه وتبيينه وإقراره للرجل (4)