العثمانية - الجاحظ - الصفحة ٢٨٨
حسن الوجه، تقفوهم امرأة قد سترت محاسنها، حتى قصدوا نحو الحجر. فاستلمه واستلمه الغلام ثم استلمته المرأة، ثم طاف بالبيت سبعا والغلام والمرأة يطوفان معه، ثم استقبل الحجر فقام ورفع يديه وكبر، وقام الغلام إلى جانبه وقامت المرأة خلفهما فرفعت يديها وكبرت، فأطال القنوت، ثم ركع وركع الغلام والمرأة ثم رفع رأسه فأطال ورفع الغلام والمرأة معه ثم سجدوا وسجد الغلام معه يصنعان مثل ما يصنع، فلما رأينا شيئا ننكره لا نعرفه بمكة أقبلنا على العباس فقلنا: يا أبا الفضل، إن هذا الدين ما كنا نعرفه فيكم! قال: أجل والله. وقلنا: فمن هذا؟ قال: هذا ابن أخي، هذا محمد بن عبد الله، وهذا الغلام ابن أخي أيضا، هذا علي بن أبي طالب وهذه المرأة زوجة محمد، هذه خديجة بنت خويلد. والله ما على وجه الأرض أحد يدين بهذا الدين إلا هؤلاء الثلاثة.
ومن حديث موسى بن داود عن خالد بن نافع عن عفيف بن قيس الكندي - وقد رواه عن عفيف أيضا مالك بن إسماعيل النهدي والحسن بن عنبسة الوراق وإبراهيم بن محمد بن ميمونة - قالوا جميعا: حدثنا سعيد بن جشم عن أسد بن عبد الله (1) البجلي عن يحيى بن عفيف بن قيس عن أبيه قال:
كنت في الجاهلية عطارا، فقدمت مكة فنزلت على العباس بن عبد المطلب، فبينا أنا جالس عنده أنظر إلى الكعبة وقد تحلقت الشمس في السماء أقبل شاب كأن في وجهه القمر، حتى رمى ببصره إلى السماء، فنظر إلى الشمس ساعة ثم أقبل حتى دنا من الكعبة فصف قدميه يصلى، فخرج على إثره فتى كأن وجهه صحيفة يمانية، فقام عن يمينه، فجاءت امرأة متلففة في ثيابها فقامت خلفهما، فأهوى الشاب راكعا فركعا معه، ثم أهوى إلى الأرض ساجدا فسجدا معه، فقلت للعباس:
يا أبا الفضل، أمر عظيم. فقال: أمر والله عظيم، أتدرى من هذا الشاب؟ قلت:
لا. قال: هذا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب، أتدرى من هذا الفتى؟ قلت:

(1) في الأصل: " ابن عبد " صوابه في ط.
(٢٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 283 284 285 286 287 288 289 290 291 292 293 ... » »»