رآهم المسلمون لم يمهلوهم دون أن حملوا عليهم واقتتلوا قتالا شديدا وثار الغبار وقدحت حوافر الخيل الشرار والتقى الجمعان واصطدم الفريقان فلله در رفاعة بن زهير المحاربي وعقبة بن عامر الجهني وعمار بن ياسر العبسي وميسرة بن مسروق العبسي قال الراوي وقاتلت أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قتالا شديدا وصبروا صبر الكرام وكان عدو الله لاوي بن أرمياء صاحب شيزا فارسا شديدا وبطلا صنديدا فجال وصال وقتل الرجال فعندها برز اليه فارس من المسلمين يسمى سنان بن نوفل الدوسي فقتله فخرج اليه عمار بن ياسر العبسي فتجاولا وتعاركا وتضاربا وتطاعنا ووقع بينهما ضربتان وكان السابق بالضربة عمار فطعنه بالرمح في صدره فاطلع السنان يلمع من ظهره فانجدل عدو الله يخور في دمه وعجل الله بروحه إلى النار فعندها غضب الروم لأجل قتل صاحبهم وحملوا على عمار في كبكبة من الخيل فعقروا الجواد من تحته وتكاثروا عليه فقتلوه وقتل من المسلمين خمسة عشر رجلا قال حدثنا سنان بن نوفل عن مالك عن غانم اليربوعي وكان في خيل رفاعة بن زهير المحاربي قال نحن في القتال وقد عظم النزال ووطنا أنفسنا على الموت ورفاعة يحرض الناس على القتال وهو ينشد ويقول * يا معشر الناس والسادات والهمم * ويا أهيل الصفا يا معدن الكرم * فسددوا العزم لا تبغوا به فشلا * ومكنوا الضرب في الهامات والقمم * وخلفوا القوم في البيداء مطرحة * على الثري خمشا بالذل والنقم * قال الواقدي وجعل يحرضهم ويقول يا معشر السادات والاقيال أبشروا فان الروم لم تقم لهم أبدا وأبشروا بالحور والولدان في غرفات الحنان وان الجنة تحت ظلال سيوفكم قال رفاعة فبينما نحن في أشد القتال إذا بغبرة قد لاحت وانقشعت وانكشف الغبار عن ألف فارس في الحديد غواطس عليهم الدروع الداودية وعلى رؤوسهم البيض العادية المجلية معتقلين بالرماح الخطية راكبين الخيول العربية فتأملناهم فإذا هم أبا سليمان بن خالد بن الوليد وعبد الله بن المقداد وعبد الله بن طلحة وأخوه محمد وزياد بن المغيرة والوليد ومحمد بن عتبة ومحمد ابن أبي هريرة وجماعة من الصحابة والامراء وأبناؤهم رضي الله عنهم وكان غانم بن عياض الأشعري جهزهم طليعة قدامه فلما رأونا كبروا وكبرنا لتكبيرهم وخاضوا في أوساطنا وطلب كل واحد منهم بطريقا من البطارقة فقتله فلما رأت الروم ذلك ولوا الادبار وركبوا إلى الفرار وتبعهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقتلون وينهبون ويأسرون إلى بلدة سبزا وما حولها من السواد إلى سلقوس فأسروا منهم
(٢٥٩)