اليوسفي الذي المدينة على جانبه فهو أكثر عجائب منها انه غزير البركة لأنه يفيض حتى يروي ما حوله من القرى والبلدان مع قليل من زيادة النيل ومنها أنه إذا زاد النيل شيئا قليلا يزاد فيه شيء كثير ومنها انه إذا انقطع عنه مدد النيل تفجرت من أصله عيون فصارت نهرا جاريا وهذا لا يوجد بغيره ابدا من الأنهار ومنها أنه ينقسم بأرض الفيوم ماء يسير فيروي زراعات وأراضي شتى وضياعا وهذا لا يوجد لغيره أبدا ومنها أنه دفن فيه يوسف الصديق عليه السلام وأقام إلى زمن موسى عليه السلام فازداد بذلك بركة ومنها انه شقه جبريل عليه السلام بخافقه من جناحه بأمر الله عز وجل للسيد يوسف عليه السلام وحسدهم العمالقة على ذلك وقد ذكرت الرواة انه كان بين يوسف عليه السلام وبين صاحب مصر كلام بعد فراغ السنين المجدبة فإنه لما اجتمعت بنو إسرائيل عند يوسف عليه السلام وحسدهم العمالقة على ذلك ذكروا ذلك لملك مصر فقال ملك مصر يا يوسف رد علي ملكي فاجتمع رأيهم على الفرقة والقسمة فقسمت الأرض أي أرض مصر فوقع الجانب الغربي ليوسف عليه السلام وكان قفرا رمالا وتلالا فأراد ان يجري له نهرا من النيل فجمع له مائة الف عبد ودفع لهم المساحى والزنابيل وأمرهم أن يحفروا من الجهة القبلية عند فمه الآن فحفروا ثلاث سنين وقد أجرى لهم مؤنة من خزائنه فكان كلما جاء الليل سد ما حفروا ففعل من الجهة الشرقية كذلك إلى سبع سنين حتى أعياه ذلك وقلق قلقا شديدا فأوحى الله اليه يا يوسف قد استعنت برجالك ومالك ولم تستعن بي وعزتي وجلالي لو استعنت بي لحفرته لك في أقل من طرفة عين فخر ساجدا لله تعالى وهو يقول سبحانك ما أعظم شأنك وأعز سلطانك ثم قام من سجوده ونزع أثوابه واغتسل ولبس المسوح وخرج إلى الربوة وخر ساجدا متضرعا إلى الله تعالى فأوحى الله اليه أرفع رأسك فقد قضيت حاجتك ثم أمر الله سبحانه وتعالى جبريل عليه السلام فخرقه بخافقه من جناحه وقال بعضهم بطرف ريشة من جناحه من فمه من الجهة القبلية إلى آخر الفيوم في أقل من طرفة عين بقدرة الله تعالى فعمر يوسف عليه السلام قناطر وبنى مدينة الفيوم وقسم الأرض بينه وبين اخوته وبنيه فكانت أرض البهنسا لأفراثيم بن يوسف فشرع في عمارتها وقطعت الأحجار وعمرت الاسوار والقناطر وكان النهر يجري من وسطها من الجهة القبلية ثم يخرج من الجهة البحرية إلى زمن الاسلام وسنذكر ذلك في الفتح إن شاء الله تعالى وكان لها من الأبراج والرساتيق ما لا يوصف وسكنها جماعة من بني إسرائيل واتخذوا دورا ومساكن وذلك
(٢١٤)