وكتب إلى أبي عبيدة كتابا يقول فيه بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الله عمر إلى عامله بالشام أبي عبيدة عامر ابن الجراح سلام عليك واني أحمد الله الذي لا إله إلا هو وأصلي على نبيه وأشكره على ما وهب من النصر للمسلمين وجعل العاقبة للمتقين ولم يزل بنا لطيفا معينا وأما قولك لم نقم بأنطاكية لطيبها فان الله عز وجل لم يحرم الطيبات على المؤمنين الذين يعملون الصالحات فقال يا أيها الرسل كلوا من الطيبات وأعملوا صالحا وقال * (يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا لله) * الآية فكان يجب عليك أن تريح المسلمين من تعبهم وتدعهم يرغدون في مطعمهم ويريحون أبدانهم من نصب القتال مع من كفر بالله وأما قولك انك منتظر أمري فالذي آمرك به أن تدخل وراء العدو وتفتح الدروب فإنك الشاهد وأنا الغائب وقد يرى الشاهد ما لا يراه الغائب وأنت بحضرة عدوك وعيونك تأنيك بالأخبار فإن رأيت أن دخولك إلى الدروب بالمسلمين صواب فابعث إليهم بالسراية وادخل معهم إلى بلادهم وضيق عليهم المسالك ومن طلب منك الصلح فصالحهم ووف لهم بما تقدر وأما قولك ان العرب أبصرت نساء الروم فرغبت في التزوج فمن أحب ذلك فدعه ان لم يكن له أهل بالحجاز ومن أراد أن يشتري الإماء فدعه فان ذلك أصون لفروجهم واعف لنفوسهم وما تحتاج أن أوصيك في أمر فلنطانوس صاحب رومية أوسع عليه في النفقة وعلى من معه فإنه قد فارق أهله وملكه وأمره ونهيه والسلام عليك وعلى جميع المسلمين وطوى الكتاب ودفعه لزيد بن وهب وقال له انطلق رحمك الله وأشرك عمر في ثوابك فأخذ زيد الكتاب وهم أن يسير فأمره أن يقف وقال له على رسلك حتى يزودك عمر من قوته ثم إن عمر أناخ راحلته وأخرج له تمرا وأعطاه صاع تمر وصاع سويق وقال يا زيد اعذر عمر فهذا ما أمكنه ثم إن عمر قبل راس زيد بن وهب فبكى زيد وقال يا أمير المؤمنين أو بلغ من قدري أن تقبل رأسي وأنت أمير المؤمنين وصاحب سيد المرسلين وقد ختم الله بك الأربعين فبكى عمر وقال أرجو أن يغفر الله لعمر بشهادتك قال زيد بن وهب فاستويت على كور ناقتي وهممت بالمسير فسمعته يقول اللهم احمله عليها بالسلامة واطو له البعيد وسهل له القريب انك على كل شيء قدير قال زيد بن وهب ففرحت بدعوة عمر رضي الله عنه وعلمت ان الله لا يرد دعوته إذ كان لربه طائعا ولنبيه تابعا فجعلت أسير والأرض تطوي لي تحت اخفاف مطيتي فكنت والله في اليوم الثالث عند أبي عبيدة وقد رحل عن أنطاكية وقد نزلت على حازم قال زيد فلما وصلت إلى عساكر المسلمين سمعت ضجة وجلبة وقد ارتفعت الأصوات فسألت رجلا من أهل اليمن ما سبب ذلك قال فرحا بما فتح الله على المسلمين وهذا خالدج قد اتى وكان قد ضرب على شاطىء الفرات وأغار بخيله وقد صالحه أهل منبج وبزاعة وبالس وأتى برجالهم وأموالهم وافتتحها صلحا وقد فتح منبج وبزاعة وبالس وقلعة نجم في العشر الأوسط من المحرم سنة ثماني عشرة من الهجرة وصالحهم بعد رد أموالهم على مائة ألف وخمسين
(٣١١)