أبوابها وكان زي الروم ذلك وهذه البيع والخشب كانوا يتنافسون فيها وفي صنعتها وتكون معهم في أسفارهم وعساكرهم وطاف هرقل على عسكره جميعه وأراد الدخول إلى أنطاكية وإذا بفوارس تركض اليه فقالت لهم الحجاب وأصحاب السرير ما وراءكم قالوا ملك جسر الحديد منا وقد حصلت العرب منا على داخل الجسر قال فأيقن الملك بزوال ملكه وقال وكيف ملكت العرب الجسر والبرجين وفيها ثلاثمائة من البطارقة الشداد قالوا أيها الملك ان المقدم الذي على الأبراج هو الذي سلمهم قال الواقدي ومن حسن لطف الله بالمسلمين ان صاحب الملك كان في كل يوم يمضي إلى الجسر ويوصي من في البرجين باليقظة والحرس الشديد وانه مضى في بعض الأيام على عادته فوجدهم يشربون الخمر وليس عندهم حفظ ولا حرس فأخذهم وضرب كبراءهم وهم بقتل مقدمهم ثم أنه أمسك عنه خوف الملك فعمل الحقد في قلوبهم فجاءهم يوقنا في بعض الأيام يتجسس ليدبر فيه حيلة فرآهم حنقين من صاحب الملك فسألهم فأنكروا منه فقال لهم اطلعوني على خبركم فقالوا له أتعطينا منك أمانا فأعطاهم فقالوا نحن نسلم هذا الجسر للعرب فلما صح عنده ذلك قال لهم ما مرادكم قالوا نأخذ أمانا من المسلمين فقال يوقنا أنا أكتب لكم كتابا إلى أميرهم بأن يعطيكم أمانا وان دخلتم في دينهم فهو خير لكم فقالوا له وكيف أنت دخلت في دينهم ثم رجعت فقال حاش الله وانما أتيت أدبرهم على تسليم أنطاكية لهم فلما صح عندهم ذلك قالوا ونحن نسلم إليهم الجسر فلما وافقهم على ذلك كتموا أمرهم فلما قدم المسلمون مضى إليهم صاحب الجسر من غير أن يعلم به أحد وأخذ له ولمن معه أمانا وناوله كتاب يوقنا ففرح المسلمون بذلك بأن يأخذوا جسر الحديد من غير قتال فأعطوا للمقدم أمانا فلما وصل عسكر المسلمين إلى الباب الذي على الجسر فتح لهم فدخلوا فلما سمع هرقل بذلك أمر الناس أن يتأهبوا للحرب قال ففعلوا ذلك قال الواقدي حدثنا ياسر بن عبد الرحمن عن منازل بن نزاف الصيدلاني وكان أعرف الناس بفتوح الشام قال بلغني أنه لما صار المسلمون بأرض أنطاكية قال أبو عبيدة لخالد يا أبا سليمان قد صرنا بأرض أنطاكية بلد كلب الروم والساعة يأتينا عسكره فما ترى من الرأي قال خالد ان الله قال * (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة) * الآية فأمر أصحابك أن يتأهبوا ويظهروا زينة الاسلام وقوة الايمان وسير كل أمير بجيشه ولتكن الكتائب والمواكب يتلو بعضها بعضا قال ففعل أبو عبيدة ذلك وأول من سير سعيد بن زيد أحد العشرة ومعه ثلاثة آلاف فارس فيهم المهاجرون والأنصار وجعله على مقدمة الجيش وسير وراءه رافع بن عميرة الطائي ومعه ألف فارس وسير وراءه ميسرة بن مسروق العبسي في ثلاثة آلاف فارس وسار وراءه خالد في جيش الزحف وسار وراءهم أبو عبيدة في بقية العسكر وكان معه عمرو بن
(٢٩٦)