فتوح الشام - الواقدي - ج ١ - الصفحة ٣٠٩
مثقال من الذهب فلما تقرر الصلح قال له أبو عبيدة احلف لنا انكم لا تغدرون بنا فان مدينتكم مانعة كثيرة الجبال والوعر فقال خالد ومن يحلفه فقال أبو عبيدة يوقنا قال فوضع يوقنا يده على راس البترك فوق يده وقال قل والله والله والله أربعين مرة والا قطعت زناري وكسرت صليبي ولعنتني الشمامسة والديرانيون وخلعت دين النصرانية وذبحت الجمل في جرن ماء المعمودية ونجستها ببول مولود من أولاد اليهود وقتلت كل الشهود والا خرقت شدائد مريم وعصبت رأسي والا ذبحت القسوس وصبغت بدمائهم ثوب عروس والا جعلت مريم زانية به والا جعلت في المذبح حيضة يهودية وإلا أطفأت قنايل بيعه جرجيس وجعلت عزيرا في مقام كالوس وإلا تزوجت يهودية طامثة لا تلقي ابدا والا غسلت أثوابي صبيحة يوم الجمعة وهدمت الكنائس والبيع وأحللت الأعياد والجمع والا عبدت اللاهوت وجحدت الناسوت والا أكلت لحم الجمل يوم الشعانين والا صمت رمضان عاطشا وكنت للحم الرهبان ناهشا والا صليت في ثياب اليهود وقلت إن عيسى دباغ الجلود اننا لا نغدر بكم ولا كنا الا معكم قال الواقدي فعندها قام أبو عبيدة ودخل أنطاكية وكان دخوله لخمسة أيام مضين من شعبان سنة سبع عشرة من الهجرة فدخله وبين يديه اللواء الذي عقده له أبو بكر الصديق رضي الله عنه وعن يمينه خالد بن الوليد وعن يساره ميسرة بن مسروق ودخلها والقراء بين يديه يقرأون سورة الفتح فلن يزل سائرا حتى وصل إلى باب الجنان فنزل هناك وخط هناك مسجدا وأمر ببنائه وبه يعرف إلى يومنا هذا قال ميسرة بن مسروق فنظرنا إلى بلد رطب طيب الهواء كثير الماء والخيرات فاستطابه المسلمون ووددنا لو أقمنا فيه شهر لنستريح فما تركنا أبو عبيدة فيه غير ثلاثة أيام ثم إنه كتب إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه سلام عليك واني أحمد الله إليك الذي لا إله إلا هو واصلي على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم وأشكره على ما فتح علينا ورزقنا من الغنيمة والنصر وأعلمك يا أمير المؤمنين أن الله عز وجل قد فتح على المسلمين كرسي النصرانية مدينة أنطاكية وكسر الله عسكرها ونصرنا الله عليهم وهرب هرقل في البحر واني لم أقم بها لطيب هوائها واني خشيت على المسلمين أن يغلب حب الدنيا على قلوبهم فيقطعهم عن طاعة ربهم واني معول على المسير إلى حلب واني منتظر أمرك فان أمرتني أن أسير إلى داخل الدروب فعلت وان أمرتني بالمقام أقمت واعلم يا أمير المؤمنين أن العرب قد نظرت إلى بنات الروم فدعتهم أنفسهم إلى التزوج فمنعتهم من ذلك واني أخشى عليهم الفتنة الا من عصمه الله فعجل إلي بأمرك والسلام عليك وعلى جميع المسلمين وطوى الكتاب وختمه وقال معاشر المسلمين من يسير بكتابي هذا إلى أمير المؤمنين فاسرع بالإجابة زيد بن وهب مولى عمير بن سعيد مولى عمرو بن عوف فقال أنا أيها الاميرأوصله إن شاء الله تعالى فقال أبو عبيدة يا زيد أنت لست مالك نفسك وانما أنت مملوك فان أردت المسير فسل مولاك أن يأذن لك في
(٣٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 302 303 304 305 306 307 308 309 310 311 312 » »»