فتوح الشام - الواقدي - ج ١ - الصفحة ٣٠٢
ثلاثين ألفا وهم الكرجية وولى في موضعه ولده استفليوس وهو مثلث النعمة واستخرج من بيت الحكمة رايات الإسكندر اليوناني وكانت منسوجة بالذهب واللؤلؤ التي نشرها يوم فتحت الواحات من أرض باليوس وكانت لا تنشر الا في يوم واحد في السنة ببيعة ايا صوفيا وهو يوم عيد الصليب والشعانين قال فلما رفعت على رأس فلنطانوس سار حتى ورد أنطاكية ونزل على باب هاوس ومعناه باب فارس قال وركب الملك هرقل في موكبه إلى لقائه وضربت سرادقاته بإزاء سرادقات هرقل وفرحت الروم وتفاءلت بالنصر وضربت النواقيس ووقعت ضجة عظيمة في جيوشهم وارتفعت أصواتهم وجاءت عيون المسلمين فأخبروهم بقدوم صاحب رومية فرفع أبو عبيدة كفه إلى السماء وقال اللهم أن أعداءك يستنصرون علينا بكثرة عددهم وتزايد مددهم فشتت كلمتهم ودمر جيوشهم وزلزل أقدامهم وعسر أيامهم واجعل كلمتنا العليا وكلمتهم السفلى وانصرنا كنصر نبيك في يوم الأحزاب اللهم رد كيدهم في نحرهم وانصرنا عليهم قال وأمنت المسلمون على دعائه قال الواقدي حدثنا إبراهيم بن العلاء عن أبي يوسف الكندي عن أبي جعفر الدارمي عن الربيع بن أنس عن جعفر بن ميسرة قال قال لي عمي لما قدم صاحب رومية بجنوده خاف المسلمون ولكن ثبتهم الله وبعث أبو عبيدة معاذ بن جبل ومعه ثلاثة آلاف وقال له يا صاحب رسول الله أن الروم قد تجمعت من سواحل البحر لنصرة دينها فانهض وشن الغارات على بلاد السواحل واحتفظ أن تؤتي المسلمون من قبلك قال ففعل ذلك معاذ وسار إلى جبلة واللاذقية فاحتوش أموالها وأخذ غنائمها ووجد على باب جبلة عنان بن جرهم الغساني ابن عم جبلة بن الأيهم ومعه الف دابة محملة برا وشعيرا لعسكر الكفر وقد جمعها من طرابلس وعكا وصور وصيدا وقيسارية وقد بعث بها قسطنطين بن هرقل إلى أبيه فلما وصلت مدينة جبلة سلمها العرب المتنصرة لابن عم جبلة وعادوا فوقع بها معاذ رضي الله عنه فأخذها ورجع قافلا إلى عسكر المسلمين فلما رأوها رفعوا أصواتهم بالتهليل والتكبير فسأل هرقل عن ذلك فأخبروه بما وقع فغضب على أخذ الميرة التي تتقوت بها عسكر أعدائه فقال لبطارقته ما بقي بيننا وبين هؤلاء الا المصاف ويعطي الله النصر لمن يشاء ثم إنه أمر عساكره بالاهبة للقتال ثم إنه ركب والى جانبه فلنطانوس صاحب رومية وصاحب مرعش وصاحب قلعة اسكبادنيس وهي قلعة الروم وصاحب طرطوس وصاحب مصيصه وصاحب قونية وصاحب ماصر وصاحب اقصرا وصاحب قيسارية الروم الأقصى وصاحب قوماط وصاحب انطرانه وصاحب طبرزند وجبلة ابن الأيهم قال الواقدي واقبل يوقنا يرتب الصفوف في الحرب فلما وقف كل ملك بجيشه وكل بطريق بأصحابه أراد فلنطانوس ملك رومية أن يتقرب إلى هرقل بمبارزة العرب فصقع له على قربوس سرجه وقال أيها الملك ما تركت ملكي واتيت إلى خدمتك
(٣٠٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 297 298 299 300 301 302 303 304 305 306 307 ... » »»