عيون الأنباء في طبقات الأطباء - ابن أبي أصبيعة - الصفحة ٨٧
ويقال إنه لما توفي نيقوماخس أبوه أسلمه برقسانس وكيل أبيه وهو حدث لأفلاطن وقال بعض الناس أن إسلام أرسطوطاليس إلى أفلاطن إنما كان بوحي من الله تعالى في هيكل بوثيون وقال بعضهم بل إنما كان ذلك لصداقة كانت بين برقسانس وبين فلاطن ويقال إنه لبث في التعليم عن أفلاطن عشرين سنة وإنه لما عاد أفلاطن إلى سقلية في المرة الثانية كان أرسطوطاليس خليفته على دار التعليم المسماة أقاديميا وإنه لما قدم أفلاطن من سقلية انتقل ارسطوطاليس إلى لوقيون واتخذ هناك دار التعليم المنسوبة إلى الفلاسفة المشائين ثم لما توفي فلاطن سار إلى أرمياس الخادم الوالي على أترنوس ثم لما مات هذا الخادم رجع إلى أثينس وهي التي تعرف بمدينة الحكماء فأرسل إليه فيلبس فسار إلى مقدونيا فلبث بها يعلم إلى أن تجاوز الإسكندر بلاد آسيا ثم استخلف في مقدونيا قلسثانس ورجع إلى أثينا وأقام في لوقيون عشر سنين ثم إن رجلا من الكهنة الذي يسمون الكمريين يقال له أوروماذن أراد السعاية بأرسطوطاليس ونسبه إلى الكفر وإنه لا يعظم الأصنام التي كانت تعبد في ذلك الوقت بسب ضغن كان في نفسه عليه وقد قص أرسطوطاليس هذه القصة في كتابه إلى أنطيطوس فلما أحس أرسطوطاليس بذلك شخص عن أثينا إلى بلاده وهي خلقيديق لأنه كره أن يبتلي أهل أثنية من أمره بمثل الذي ابتلو في أمر سقراطيس معلم أفلاطن حتى قتلوه وكان شخوصه من غير أن يكون أحدا اجترأ به إلى أي شخص على قبول كتاب الكمري وقرفه أو أن يناله بمكروه وليس ما يحكي عن أرسطوطاليس من الاعتذار من قرف الكمري إياه بحق ولكنه شيء موضوع على لسانه ولما صار أرسطوطاليس إلى بلاده أقام بها بقية عمره إلى أن توفي وهو ابن ثمان وستين سنة قال وقد يستدل بما ذكرنا من حالاته على بطلان قول من يزعم أنه إنما نظر في الفلسفة بعد أن أتت عليه ثلاثون سنة وأنه إنما كان إلى هذا الوقت يلي سياسة المدن لعنايته التي كانت بإصلاح أمر المدن ويقال إن أهل أسطاغيرا نقلوا بدنه من الموضع الذي توفي فيه إليهم وصيروه في الموضع المسمى الأرسطوط اليسي وصيروا مجتمعهم للمشاورة في جلائل الأمور وما يحزنهم في ذلك الموضع وكان أرسطوطاليس هو الذي وضع سنن أسطاغيرا لأهلها وكان جليل القدر في الناس ودلائل ذلك بينة من كرامات الملوك الذين كانوا في عصره له فأما ما كان عليه من الرغبة في اصطناع المعروف والعناية بالإحسان إلى الناس فذلك بين من رسائله وكتبه وما يقف عليه الناظر فيها من كثرة توسطه
(٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 ... » »»