عيون الأنباء في طبقات الأطباء - ابن أبي أصبيعة - الصفحة ٩٨
من تفكر سلم ومن روى غنم من سأل علم من حمل ما لا يطيق ارتبك التجارب ليس لها غاية والعاقل منها في زيادة للعادة على كل أحد سلطان وكل شيء يستطاع نقله إلا الطباع وكل شيء يتهيأ فيه حيلة إلا القضاء من عرف بالحكمة لحظته العيون بالوقار قد يكتفى من حظ البلاغة بالإيجاز لا يؤتى الناطق إلا من سوء فهم السامع ومن وجد برد اليقين أغناه عن المنازعة في السؤال ومن عدم درك ذلك كان مغمورا بالجهل ومفتونا بعجب الرأي ومعدولا بالهوى عن باب التثبت ومصروفا بسوء العادة عن تفصيل التعليم الجزع عند مصائب الإخوان أحمد من الصبر وصبر المرء على مصيبته أحمد من جزعه ليس شيء أقرب إلى تغيير النعم من الإقامة على الظلم من طلب خدمة السلطان بغير أدب خرج من السلامة إلى العطب الارتقاء إلى السؤدد صعب والانحطاط إلى الدناءة سهل قال حنين بن إسحاق وهذا الصنف من الآداب أول ما يعلمه الحكيم للتلميذ في أول سنة مع الخط اليوناني ثم يرفعه من ذلك إلى الشعر والنحو ثم إلى الحساب ثم إلى الهندسة ثم إلى النجوم ثم إلى الطب ثم إلى الموسيقى ثم بعد ذلك يرتقي إلى المنطق ثم الفلسفة وهي علوم الآثار العلوية فهذه عشرة علوم يتعلمها المتعلم في عشر سنين فلما رأى أفلاطون الحكيم حفظ أرسطوطاليس لما كان يلقى إلى نطافورس وتأديبه إياه كما ألقاه سره حفظه وطبعه ورأى الملك قد أمر باصطناعه فاصطنعه هو وأقبل عليه وعلمه علما علما حتى وعى العلوم العشرة وصار فيلسوفا حكيما جامعا لما تقدم ذكره أقول ومن كلام أرسطوطاليس وهو أصل يعتمد عليه في الصحة عجبت لمن يشرب ماء الكرم ويأكل الخبز واللحم ويقتصد في حركته وسكونه ونومه ويقظته وأحسن السياسة في جماعة وتعديل مزاجه كيف يمرض آداب أرسطوطاليس ومن آداب أرسطوطاليس وكلماته الحكيمة مما ذكره الأمير المبشر بن فاتك قال أرسطوطاليس أعلم أنه ليس شيء أصلح من أولي الأمر إذا صلحوا ولا أفسد لهم ولأنفسهم منهم إذا فسدوا فالوالي من الرعية بمنزلة الروح من الجسد الذي لا حياة له إلا بها وقال احذر الحرص فأما ما هو مصلحك ومصلح على يديك فالزهد واعلم أن الزهد باليقين
(٩٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 93 94 95 96 97 98 99 100 101 102 103 ... » »»