عيون الأنباء في طبقات الأطباء - ابن أبي أصبيعة - الصفحة ٧٤٣
كلام كل قائل عاريا عن محبة أو بغضة ثم زنه بالقياس وامتحنه إن أمكن بالتجربة وحينئذ أقبل الصحيح وإن أشكل فأشرك غيرك فيه فإن لكل ذهن خاصية بمعان دون معان وقال إذا أقدمك الأفاضل تقدم وإلا تأخرت وقال أطلب الحق دائما تحظ بالعلم لنفسك وبالمحبة من الناس وقال طابق أعمالك الجزئية ما في ذهنك من القانون الكلي يتيقن علمك وتجود تجربتك وتتأكد تقدمة معرفتك وتكثر منافعك من الناس وقال اشتغل من الكلام بما قصد قائله التعليم فإذا حصلت الصناعة فأكدها بالاشتغال بكلام محبي الحق مبطلي الباطل فإذا تبرهن علمك وتيقن بحيث لا تقدح فيه الشكوك لا يضرك حينئذ في بعض أوقاتك مطالعة كتب المتشككين والجدليين فإن قصدهم إظهار قوتهم فيما يدعونه سواء كانوا يعلمونه علما يقينا أم لا وسواء كان ما يدعونه حقا أم باطلا وقال إذا تطببت فاتق الله واجتهد أن تعمل بحسب ما تعلمه علما يقينا فإن لم تجد فاجتهد أن تقرب منه وقال إذا وصلت إلى رتبة المعلمين فلا تمنع مستحقا وهو العاقل الذكي الخير الحكيم النفس وامنع من سواه وقال إذا رأيت أدوية كثيرة لمرض واحد فاختر أوفقها في حال حال وقال الأمراض لها أعمار والعلاج يحتاج إلى مساعدة الأقدار وأكثر صناعة الطب حدس وتخمين وقلما يقع فيه اليقين وجزآها القياس والتجربة لا السفسطة وحب الغلبة ونتيجتها حفظ الصحة إذا كانت موجودة وردها إذا كانت مفقودة وفيهما يتبين سلامة الفطر ودقة الفكر ويتميز الفاعل عن الجاهل والمجد في الطلب عن المتكاسل والعمال بمقتضى القياس والتجربة عن المحتال على اقتناء المال وعلو المرتبة وقال إن بالعلم من الطول وعسر الحصول ولو سلك فيه الإيجاز والبيان جهد الإمكان مع طول الأعمار ودقة الأفكار وتعاون البشر وسلامة الفطر ما يعجز الناظر ويذبذب الخاطر وقال انظر إلى أفعال الطبيعة إذا لم يعقها عائق واقتد بها في أفعالك وقال ما أحسن الصبر لولا أن النفقة عليه من العمر وقال كلما انتظر الشيء استبعد زمانه واستقل مقداره وقال الخير منتظر فالظن فيه قليل وقال الظلم في الطباع وإنما يترك خوف معاد أو خوف سيف وقال لا تتم مصلحة إلا بمفاسد وقال القاصدون مصالحهم أكثر من المشفقين على مخلوقات الله تعالى بأضعاف مضاعفة
(٧٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 738 739 740 741 742 743 744 745 746 747 748 ... » »»