عيون الأنباء في طبقات الأطباء - ابن أبي أصبيعة - الصفحة ٦٥٩
الأصل الأول من هذا الكتاب وهو بخط جمال الدين المعروف باسم الجمالة كاتب ابن المطران مترجما المقالة النجمية في التدابير الصحية وكأنه كان صنفها لنجم الدين أيوب والد صلاح الدين فلما توفي ولم يوصلها إليه جعلها باسم ولده اختصار كتاب الأنوار للكسدانيين إخراج أبي بكر أحمد بن علي بن وحشية أختصره وفرغ منه في رجب سنة إحدى وثمانين وخمسمائة لغز في الحكمة كتاب على مذهب دعوة الأطباء كتاب الأدوية المفردة لم يتم وكان قد قصد فيه أن يستوعب ذكر كل دواء على غاية ما يمكنه كتاب آداب طب الملوك وحدثني نسيب له أنه لما توفي كانت عنده مسودات عدة لمصنفات طبية وغيرها وتعاليق متفرقة فأخذ أخواته تلك المسودات وضاعت بينهن وقال لي أنه رأى عند إحداهن صندوقا أرادت أن تبطنه وقد ألصقت في باطنه جملة من هذه الأوراق التي بخطه مهذب الدين بن الحاجب كان طبيبا مشهورا فاضلا في الصناعة الطبية متقنا للعلوم الرياضية معتنيا بالأدب متعينا في علم النحو مولده بدمشق ونشأ بها واشتغل بصناعة الطب على مهذب الدين بن النقاش ولازمه مدة ولما كان شرف الدين الطوسي بمدينة الموصل وكان أوحد زمانه في الحكمة والعلوم الرياضية وغيرها سافر ابن الحاجب والحكيم موفق الدين عبد العزيز إليه ليجتمعا به ويشتغلا عليه فوجداه قد توجه إلى مدينة طوس فأقاما هنالك مدة ثم سافر ابن الحاجب إلى أربل وكان بها فخر الدين ابن الدهان المنجم فاجتمع به ولازمه وحل معه الزيج الذي كان قد صنعه ابن الدهان وأتقن قراءته عليه ونقله بخطه ورجع إلى دمشق وكان هذا ابن الدهان المنجم يعرف بأبي شجاع ويلقب بالثعيلب وهو بغدادي أقام بالموصل عشرين سنة وتوجه إلى دمشق فأكرمه صلاح الدين والفاضل وجماعة الرؤساء وأجرى له ثلاثين دينارا كل شهر وكان له دين وورع ونسك كثير الصيام يعتكف في جامع دمشق أربعة أشهر وأكثر ولأجله عملت المقصورة التي بالكلاسة وله تصانيف كثيرة منها الزيج المشهور الذي له وهو جيد صحيح ومنها المنبر في الفرائض وهو مشهور كتاب في غريب الحديث عشر مجلدات وكتاب في الخلاف مجدول على وضع تقويم الصحة وكان دائم الاشتغال وله شعر كثير وقصد الحج فلما رجع إلى بغداد توفي بها ودفن عند قبر أبيه وأمه بعد غيبته أكثر من أربعين سنة وكان مهذب الدين بن الحاجب كثير الاشتغال محبا للعلم قوي النظر في صناعة الهندسة وكان قبل اشتهاره بصناعة الطب قد خدم في الساعات التي عند الجامع بدمشق ثم تميز في صناعة الطب وصار من جملة أعيانها وخدم بصناعة الطب في البيمارستان الكبير الذي أنشأه الملك العادل نور الدين ابن زنكي ثم خدم تقي الدين عمر صاحب حماة ولم يزل في خدمته بحماة إلى أن توفي تقي الدين ثم عاد ابن الحاجب إلى دمشق وتوجه إلى الديار المصرية وخدم الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن
(٦٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 654 655 656 657 658 659 660 661 662 663 664 ... » »»