ابن مقشر الطبيب كان من الأطباء المشهورين والعلماء المذكورين مكينا في الدولة حظيا عند الحاكم وكان يعتمد عليه في صناعة الطب وقال عبيد الله بن جبرئيل أن ابن مقشر الطبيب كان في خدمة الحاكم وبلغ معه أعلى المنازل وأسناها وكان له منه الصلات الكثيرة والعطايا العظيمة قال ولما مرض ابن مقشر الطبيب عاده الحاكم بنفسه ولما مات أطلق لمخلفيه مالا وافرا علي بن سليمان كان طبيبا فاضلا متقنا للحكمة والعلوم الرياضية متميزا في صناعة الطب أوحد في أحكام النجوم وكان في أيام العزيز بالله وولده الحاكم ولحق أيام الظاهر لإعزاز دين الله ولد الحاكم ولعلي بن سليمان من الكتب اختصار كتاب الحلوى في الطب كتاب الأمثلة والتجارب والأخبار والنكت والخواص الطبية المنتزعة من كتب أبقراط وجالينوس وغيرهما تذكرة له ورياضة ووجدت هذا الكتاب بخطه أربع مجلدات وقد ذكر فيه أنه ابتدأ بتأليفه في سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة بالقاهرة كتاب التعاليق الفلسفية ووجدته أيضا بخطه وهو يقول فيه أنه ابتدأ بتصنيفه بحلب في سنة إحدى عشرة وأربعمائة مقالة في أن قبول الجسم التجزؤ لا يقف ولا ينتهي إلى ما لا يتجزأ وتعديد شكوك تلزم مقالة أرسطوطاليس في الإبصار وتعديد شكوك في كواكب الذنب ابن الهيثم هو أبو علي محمد بن الحسن بن الهيثم أصله من البصرة ثم انتقل إلى الديار المصرية وأقام بها إلى آخر عمره وكان فاضل النفس قوي الذكاء متفننا في العلوم لم يماثله أحد من أهل زمانه في العلم الرياضي ولا يقرب منه وكان دائم الاشتغال كثير التصنيف وافر التزهد محبا للخير وقد لخص كثيرا من كتب أرسطوطاليس وشرحها وكذلك لخص كثيرا من كتب جالينوس في الطب وكان خبيرا بأصول صناعة الطب وقوانينها وأمورها الكلية إلا أنه لم يباشر أعمالها ولم تكن له دربة بالمداواة وتصانيفه كثيرة الإفادة وكان حسن الخط جيد المعرفة بالعربية وحدثني الشيخ علم الدين بن أبي القاسم بن عبد الغني بن مسافر الحنفي المهندس قال كان ابن الهيثم في أول أمره بالبصرة ونواحيها قد وزر وكانت نفسه تميل إلى الفضائل والحكمة والنظر فيها ويشتهي أن يتجرد عن الشواغل التي تمنعه من النظر في العلم فأظهر خبالا في عقله وتغيرا في تصوره
(٥٥٠)