عيون الأنباء في طبقات الأطباء - ابن أبي أصبيعة - الصفحة ٥٣٩
عندها يراها بجملة حال المريض وما يشكوه وما كان قد تناوله من الأغذية وحدثني أبو عبد الله المغربي قال كنت يوما عند ابن الأصم وإذا بجماعة قد أقبلوا إليه ومعهم رجل على دابة وهو منكب عليها فلما وصلوا وجدنا ذلك الرجل وفي فمه حية قد دخل بعضها مع رأسها في حلقه وبقيتها ضاهرة وهي مربوطة بخيط قنب إلى ذراع الرجل فقال ما شأن هذا فقالوا له إن عادته ينام وفمه مفتوح وكان قد أكل لبنا فنام فلما جاءت هذه الحية لعقت فمه وداخل فمه وهو نائم ولما أحست بمن أتى خافت وانساب بعضها في حلقه وأدركناها فربطناها بهذا الخيط لئلا تدخل في حلقه فلما نظر إلى ذلك الرجل وجده وهو في الموت من الخوف فقال له ما عليك كدتم تهلكون الرجل ثم قطع الخيط فانسابت الحية في حلقه واستقرت في معدته فقال له الآن تبرأ وأمره أن لا يتحرك وأخذ أدوية وعقاقير فأغلاها في ماء غليا جيدا وجعل ذلك الماء في إبريق وسقاه الرجل وهو حار فشربه وصار يحبس معدته حتى قال ماتت الحية ثم سقاه ماء آخر مغليا فيه حوائج وقال هذه تهرئ الحية مع هضم المعدة وصبر مقدار ساعتين وسقاه ماء قد أغلي فيه أدوية مقيئة فجاشت نفس الرجل وذرعه القيء فعصب عينيه وبقي يتقيأ في طشت فوجدنا فيه الحية وهي قطع وهو يأمره بكثرة القيء حتى تنظفت معدته وخرجت بقايا الحية فقال له طب نفسا فقد تعافيت وذهب الرجل مطمئنا صحيحا بعد أن كان في حالة الموت
(٥٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 534 535 536 537 538 539 540 541 542 543 544 ... » »»