عيون الأنباء في طبقات الأطباء - ابن أبي أصبيعة - الصفحة ٥٤٩
مقتنيا للمال الجزيل إلى أن توفي بمصر في أيام العزيز بالله في يوم السبت لخمس بقين من ذي الحجة سنة ثمانين وثلاثمائة وأخرج يوم الأحد بعد صلاة الظهر إلى كنيسة الروم بقصر الشمع فأخذ بجنازته من داره على النخاسين على الجامع العتيق على المربعة إلى حمام الغارو بين يديه خمسون شمعة موقودة وعلى تابوته ثوب مثقل وخلف جنازته المطران أخو السيد وأبو الفتح منصور بن مقشر طبيب الخاص مشاة وسائر النصارى تبع لهم ثم أخرج من الكنيسة بعد أن قسس عليه بقية ليلتهم إلى دير القصير فدفن هناك عند قبر أخيه كيسان بن عثمان بن كيسان ولم يعترض العزيز لتركته ولا ترك أحدا يمد يده إليها على كثرتها أبو الفتح منصور بن سهلان بن مقشر كان طبيبا نصرانيا مشهورا وله دراية وخبرة بصناعة الطب وكان طبيب الحاكم بأمر الله ومن الخواص عنده وكان العزيز أيضا يستطبه ويرى له ويحترمه وكان متقدما في الدولة وتوفي في أيام الحاكم واستطب الحاكم بعده إسحاق بن إبراهيم بن نسطاس ومات إسحاق بن نسطاس أيضا في أيام الحاكم بعد ذلك عمار بن علي الموصلي كان كحالا مشهورا ومعالجا مذكورا له خبرة بمداواة أمراض العين ودربة بأعمال الحديد وكان قد سافر إلى مصر وأقام بها وكان في أيام الحاكم ولعمار بن علي من الكتب كتاب المنتخب في علم العين وعللها ومداواتها بالأدوية والحديد ألفه للحاكم الحقير النافع كان هذا من أهل مصر يهودي النحلة في زمن الحاكم وكان طبيبا جرائحيا حسن المعالجة ومن ظريف أمره أنه كان يرتزق بصناعة مداواة الجراح وهو في غاية الخمول وأتفق أن عرض لرجل الحاكم عقر أزمن ولم يبرأ وكان ابن مقشر طبيب الحاكم والحظي عنده وغيره من أطباء الخاص المشاركين له يتولون علاجه فلا يؤثر ذلك الأشرافي العقر فأحضر له هذا اليهودي المذكور فلما رآه طرح عليه دواء يابسا فنشفه وشفاه في ثلاثة أيام فأطلق له ألف دينار وخلع عليه ولقبه بالحقير النافع وجعله من أطباء الخاص أبو بشر طبيب العظيمية كان في أيام الحاكم مشهورا في الدولة ويعد من الأفاضل في صناعة الطب
(٥٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 544 545 546 547 548 549 550 551 552 553 554 ... » »»