بالخريبي قال فكنت أوتي بالقثاء وهو قثاء دقيق في دقة الأصابع وطول القثاءة منه نحو من فتر فآكل منه الخمس والست والسبع فكثر علي الإسهال فشكوت ذلك إليه فلم يكلمني حتى حقنني بحقنة كثيرة الشحوم والصموغ والخطمي والأرز الفارسي وقال لي كدت تقتل نفسك بإكثارك من القثاء على الريق لأنه كان يحدر من الصفراء ما يزيل عن الأمعاء من الرطوبات اللاصقة بها ما يمنع الصفراء من سحجها وأحداث الدوسنطاريا فيها ولماسرجويه من الكتب كناش كتاب في الغذاء كتاب في العين سلمويه بن بنان متطبب المعتصم لما استخلف أبو إسحق محمد المعتصم بالله وذلك في سنة ثمان عشرة ومائتين اختار لنفسه سلمويه الطبيب وأكرمه إكراما كثيرا يفوق الوصف وكان يرد إلى الدواوين توقيعات المعتصم في السجلات وغيرها بخط سلمويه وكل ما كان يرد على الأمراء والقواد من خروج أمر وتوقيع من حضرة أمير المؤمنين فبخط سلمويه وولى أخا سلمويه إبراهيم بن بنان خزن بيوت الأموال في البلاد وخاتمه مع خاتم أمير المؤمنين ولم يكن أحد عنده مثل سلمويه وأخيه إبراهيم في المنزلة وكان سلمويه بن بنان نصرانيا حسن الاعتقاد في دينه كثير الخير محمود السيرة وافر العقل جميل الرأي وقال إسحق بن علي الرهاوي في كتاب أدب الطبيب عن عيسى بن ماسة قال أخبرني يوحنا بن مساويه عن المعتصم أنه قال سلمويه طبيبي أكبر عندي من قاضي القضاة لأن هذا يحكم في نفسي ونفسي أشرف من مالي وملكي ولما مرض سلمويه الطبيب أمر المعتصم ولده أن يعوده فعاده ثم قال أنا أعلم وأتيقن إني لا أعيش بعده لأنه كان يراعي حياتي ويدبر جسمي ولم يعش بعده تمام السنة وقال إسحق بن حنين عن أبيه أن سلمويه كان أعلم أهل زمانه بصناعة الطب وكان المعتصم يسميه أبي فلما اعتل سلمويه عاده المعتصم وبكى عنده وقال تشير علي بعدك بما يصلحني فقال سلمويه يعز علي بك يا سيدي ولكن عليك بهذا الفضولي يوحنا بن ماسويه وإذا شكوت إليه شيئا فقد يصف فيه أوصافا فإذا وصف فخذ أقلها أخلاطا فلما مات سملويه امتنع المعتصم من أكل الطعام يوم موته وأمر بأن تحضر جنازته الدار ويصلى عليه بالشمع والبخور على زي النصارى الكامل ففعل وهو بحيث يبصرهم ويباهي في كرامته وحزن عليه حزنا شديدا وكان المعتصم الهضم في جسمه قوي وكان سلمويه يفصده في السنة مرتين ويسقيه بعد كل مرة دواء مسهلا ويعالجه بالحمية في أوقات فأراد يوحنا بن ماسويه
(٢٣٤)