عيون الأنباء في طبقات الأطباء - ابن أبي أصبيعة - الصفحة ١٧٧
من موضع الفصد من الماء إلا عند وقت الصلاة أو يتخوف عليه الموت من شدة البرد فإن تخوف ذلك أذن له في إخراج يده هنيهة ثم أمره بردها ففعل ذلك إلى الليل ثم أمر بحمله إلى منزله ونهاه عن تغطية موضع الفصد وعن حل الشد قبل استتمام خمسة أيام ففعل ذلك إلا أنه صار إليه في اليوم الثالث وقد ورم عضده وذراعه ورما شديدا فنفس من الشد شيئا يسيرا وقال للرجل الورم أسهل من الموت فلما كان في اليوم الخامس حل الشداد فوجدنا قشر الفستقة ملتصقا بلحم الرجل فقال والدي للرجل بهذا القشر نجوت من الموت فإن خلعت هذا القشر قبل انخلاعه وسقوطه من غير فعل منك تلفت نفسك قال عيسى فسقط القشر في اليوم السابع وبقي في مكانه دم يابس في خلقة الفستقة فنهاه والدي عن العبث به أو حك ما حوله أو فت شيء من ذلك الدم فلم يزل الدم يتحات حتى انكشف موضع الفصد في أكثر من أربعين ليلة وبرأ الرجل عيسى بن حكم الدمشقي وهو المشهور بمسيح صاحب الكناش الكبير الذي يعرف به وينسب إليه قال يوسف بن إبراهيم حدثني عيسى بن الحكم أنه عرض لغضيض أم ولد الرشيد قولنج فأحضرته وأحضرت الأبح والطبري الحاسبين وسألت عيسى عما يرى معالجتها به قال عيسى فاعلمتها أن القولنج قد استحكم بها استحكاما إن لم تبادره بالحقنة لم يؤمن عليها التلف فقالت للأبح والطبري اختارا لي وقتا أتعالج فيه فقال لها الأبح علتك هذه ليست من العلل التي يمكن أن يؤخر لها العلاج إلى وقت يحمده المنجمون وأنا أرى أن تبادري بالعلاج قبل أن تعملي عملا وكذلك يرى عيسى بن حكم فسألتني فاعلمتها أن الأبح قد صدقها فسألت الطبري عن رأيه فقال أن القمر اليوم مع زحل وهو في غد مع المشتري وأنا أرى لك أن تؤخري العلاج إلى مقارنة القمر المشتري فقال الأبح أنا أخاف أن يصير القمر مع المشتري وقد عمل القولنج عملا لا يحتاج معه إلى علاج فتطيرت من ذلك غضيض ولبنتها أم محمد وأمرتا بإخراجه من الدار وقبلت قول الطبري فماتت غضيض قبل موافات القمر المشتري فلما وافى القمر المشتري قال الأبح لأم محمد هذا وقت اختيار الطبري للعلاج فأين العليل حتى نعالجه فزادتها رسالته غيظا عليه ولم تزل سيئة الرأي فيه حتى توفيت
(١٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 172 173 174 175 176 177 178 179 180 181 183 ... » »»