عيون الأنباء في طبقات الأطباء - ابن أبي أصبيعة - الصفحة ١٦٦
وروى داود بن رشيد عن عمرو بن عوف قال لما احتضر الحرث بن كلدة اجتمع إليه الناس فقالوا مرنا بأمر ننتهي إليه من بعدك فقال لا تتزوجوا من النساء إلا شابة ولا تأكلوا الفاكهة إلا في أوان نضجها ولا يتعالجن أحد منكم ما احتمل بدنه الداء وعليكم بالنورة في كل شهر فإنها مذيبة للبلغم مهلكة للمزة منبتة للحم وإذا تغدى أحدكم فلينم على إثر غدائه وإذا تعشى فليخط أربعين خطوة ومن كلام الحرث أيضا قال دافع بالدواء ما وجدت مدفعا ولا تشربه إلا من ضرورة فإنه لا يصلح شيئا إلا أفسد مثله وقال سليمان بن جلجل أخبرنا الحسن بن الحسين قال أخبرنا سعيد بن الأموي قال أخبرنا عمي محمد بن سعيد عن عبد الملك بن عمير قال كان أخوان من ثقيف من بني كنه يتحابان لم ير قط أحسن ألفة منهما فخرج الأكبر إلى سفر فأوصى الأصغر بامرأته فوقعت عينه عليها يوما غير معتمد لذلك فهويها وضني وقدم أخوه فجاءه بالأطباء فلم يعرفوا ما به إلى أن جاءه بالحرث بن كلدة فقال أرى عينين محتجبتين وما أدري ما هذا الوجع وسأجرب فاسقوه نبيذا فلما عمل النبيذ فيه قال (ألا رفقا ألا رفقا * قليلا ما أكوننه) (ألما بي إلى الأبيات * بالخيف أزرهنه) (غزالا ما رأيت اليوم * في دور بني كنه) (أسيل الخد مربوب * وفي منطقة غنه) الهزج فقالوا له أنت أطب العرب ثم قال رددوا النبيذ عليه فلما عمل فيه قال (أيها الجيرة أسلموا * وقفوا كي تكلموا) (وتقضوا لبانة * وتحبوا وتنعموا) (خرجت مزنة من * البحر ريا تحمحم) (هي ماكنتي وتزعم * أني لها حم)
(١٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 161 162 163 164 165 166 167 168 169 170 171 ... » »»