عيون الأنباء في طبقات الأطباء - ابن أبي أصبيعة - الصفحة ٢١
قال وقد كان عرض لي منذ سنين صداع مبرح عن امتلاء في عروق الرأس ففصدت فلم يسكن وأعدت الفصد مرارا وهو باق على حاله فرأيت جالينوس في النوم وقد أمرني أن أقرأ عليه حيلة البرء فقرأت عليه منها سبع مقالات فلما بلغت إلى آخر السابعة قال نسيت ما بك من الصداع وأمرني أن أحجم القمحدوة من الرأس ثم استيقظت فحجمتها فبرأت من الصداع على المكان وقال عبد الله بن زهر في كتاب التيسير إنني كنت قد اعتل بصري من قيئ بحراني أفرط علي فعرض لي انتشار في الحدقتين دفعة فشغل بذلك بالي فرأيت فيما يرى النائم من كان في حياته يعنى بأعمال الطب فأمرني في النوم بالاكتحال بشراب الورد وكنت في ذلك الزمان طالبا قد حذقت ولم تكن لي حنكة في الصناعة فأخبرت أبي فنظر في الأمر مليا ثم قال لي استعمل ما أمرت به في نومك فانتفعت به ثم لم أزل أستعمله إلى وقت وضعي هذا الكتاب في تقوية الأبصار أقول ومثل هذا أيضا كثير مما يحصل بالرؤيا الصادقة فإنه قد يعرض أحيانا لبعض الناس أن يروا في منامهم صفات أدوية ممن يوجدهم إياها فيكون بها برؤهم ثم تشتهر المداواة بتلك الأدوية فيما بعد القسم الثالث أن يكون قد حصل لهم شيء منها أيضا بالاتفاق والمصادفة مثل المعرفة التي حصلت لاندروماخس الثاني في إلقائه لحوم الأفاعي في الترياق والذي نشطه لذلك وأفرد ذهنه لتأليفه ثلاثة أسباب جرت على غير قصد وهذا كلامه قال أما التجربة الأولى فإنه كان يعمل عندي في بعض ضياعي في الموضع المعروف ببورنوس
(٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 ... » »»