عيون الأنباء في طبقات الأطباء - ابن أبي أصبيعة - الصفحة ٢٠
ففي ليلته رأى في حلمه رؤيا ظاهرة بينة فحمد مشورتي واتخذ مشورتي مادة في ذلك الدواء وذلك أنه رأى النائم آمرا يأمره بأن يمسك في فيه عصارة الخس فاستعمل هذه العصارة كما أمره وبرأ برءا تاما ولم يحتج معها إلى شيء آخر يتداوى به وقال في شرحه لكتاب الإيمان لابقراط وعامة الناس يشهدون على أن الله تبارك وتعالى هو الملهم لهم صناعة الطب من الأحلام والرؤيا التي تنقذهم من الأمراض الصعبة من ذلك إنا نجد خلقا كثيرا ممن لا يحصى عددهم أتاهم الشفاء من عند الله تبارك وتعالى بعضهم على يد سارافس وبعضهم على يد أسقليبيوس بمدينة أفيداروس ومدينة قو ومدينة فرغامس وهي مدينتي وبالجملة فقد يوجد في جميع الهياكل التي لليونانيين وغيرهم من سائر الناس الشفاء من الأمراض الصعبة التي تأتي بالأحلام وبالرؤيا وأريباسيوس يحكي في كناشه الكبير أن رجلا عرض له في المثانة حجر عظيم قال وداويته بكل دواء مستصلح لتفتيت الحجر فلم ينتفع البتة وأشرف على الهلاك فرأى في النوم كأن إنسانا أقبل عليه وفي يده طائر صغير الجثة وقال له إن هذا الطائر اسمه صفراغون ويكون بمواضع السباحات والآجام فخذه وأحرقه وتناول من رماده حتى تسلم من هذه العلة فلما انتبه فعل ذلك فأخرج الحجر من مثانته متفتتا كالرماد وبرأ برءا تاما ومما حصل أيضا من ذلك بالرؤيا الصادقة أن بعض خلفاء المغرب مرض مرضا طويلا وتداوى بمداواة كثيرة فلم ينتفع بها فلما كان في بعض الليالي رأى النبي صلى الله عليه وسلم في نومه وشكى إليه ما يجده فقال له صلى الله عليه وسلم ادهن بلا وكل لا تبرأ فلما انتبه من نومه بقي متعحبا من ذلك ولم يفهم ما معناه فسأل المعبرين عنه فكل منهم عجز عن تأويله ما خلا علي بن أبي طالب القيراوني فإنه قال يا أمير المؤمنين إن النبي صلى الله عليه وسلم أمرك أن تدهن بالزيت وتأكل منه فتبرأ فلما سأله من أين له معرفة ذلك قال من قول الله عز وجل * (من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار) * فلما استعمل ذلك صلح به وبرا برءا تاما ونقلت من خط علي بن رضوان في شرحه لكتاب جالينوس في فرق الطب ما هذا نصه
(٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 ... » »»