نفادة الكاتب حكى أنه لما كان متوجها إلى الكرك كان في طريقه بالطليل وهي منزلة كثيرة نبات الدفلى فنزل هو وآخر في مكان منها وإلى جانبهم هذا النبات فربط الغلمان دوابهم هنالك وجعلت الدواب ترعى ما يقرب منها وأكلت من الدفلى فأما دوابه فإن غلمانه غفلوا عنها فسابت ورعت من مواضع متفرقة وأما دواب الآخر فإنها بقيت في موضعها لم تقدر على التنقل منه ولما أصبحوا وجدت دوابه في عافية ودواب الآخرين قد ماتت بأسرها في ذلك الموضع وحكى ديسقوريدس في كتابه أن المعزى البرية باقريطش إذا رميت بالنبل وبقيت في أبدانها فإنها ترعى النبات الذي يقال له المشكطرامشير وهو نوع من الفوتنج فيتساقط عنها ما رميت به ولم يضرها شيء منه وحدثني القاضي نجم الدين عمر بن محمد بن الكرندي أن اللقلق يعشش في أعلى القباب والمواضع المرتفعة وأن له عدوا من الطيور يتقصده أبدا ويأتي إلى عشه ويكسر البيض الذي فيه قال وإن ثم حشيشة من خاصيتها أن عدو اللقلق إذا شم رائحتها يغمى فيأتي بها اللقلق إلى عشه ويجعلها تحت بيضه فلا يقدر العدو عليها وذكر أوحد الزمان في المعتبر أن القنفذ لبيته أبواب يسدها ويفتحها عند هبوب الرياح التي تؤذيه وتوافقه وحكى أن إنسانا رأى الحباري تقاتل الأفعى وتنهزم عنها إلى بقلة تتناول منها ثم تعود لقتالها وأن هذا الإنسان عاينها فنهض إلى البقلة فقطعها عند اشتغال الحباري بالقتال فعادت الحباري إلى منبتها ففقدتها وطافت عليها فلم تجدها فخرت ميتة فقد كانت تتعالج بها قال وابن عرس يستظهر في قتال الحية بأكل السذاب والكلاب إذا دودت بطونها أكلت السنبل وتقيأت واستطلقت وإذا جرح اللقلق داوى جراحه بالصعتر الجبلي والثور يفرق بين الحشائش المتشابهة في صورها ويعرف ما يوافقه منها فيرعاه وما لا يوافقه فيتركه مع نهمه وكثرة أكله وبلادة ذهنه ومثل هذا كثير
(٢٦)