معجم البلدان - الحموي - ج ٢ - الصفحة ٥٠٩
فكم قضيت لبانات الشباب بها غنما، وكم بقيت عندي لبانات ما أمكنت دولة الأفراح مقبلة، فانعم ولذ فإن العيش تارات قبل ارتجاع الليالي كل عارية، فإنما لذة الدنيا إعارات قم فاجل في حلل اللألاء شمس ضحى، بروجها الزهر كاسات وطاسات لعلنا، إن دعا داعي الحمام بنا، نمضي وأنفسنا منها رويات فما التعلل لولا الكأس في زمن، أحياؤه باعتياد الهم أموات دارت تحيي، فقابلنا تحيتها، وفي حشاها لقرع المزج روعات عذراء أخفى كرور العصر صورتها، لم يبق من روحها إلا حشاشات مدت سرادق برق من أبارقها، على مقابلها منها ملاءات فلاح في أذرع الساقين أسورة تبر، وفوق نحور الشرب حانات قد وقع الدهر سطرا في صحيفتها:
لا فارقت شارب الراح المسرات خذ ما تعجل واترك ما وعدت به، فعل الأديب، وفي التأخير آفات دير درمالس: قال الشابشتي: هذا الدير في رقة باب الشماسية ببغداد قرب الدار المعزية، وهو نزه كثير الأشجار والبساتين، بقربه أجمة قصب، وهو كبير آهل معمور بالقصف والتنزه والشرب، وأعياد النصارى ببغداد مقسومة على ديارات معروفة، منها:
أعياد الصوم الأحد الأول في دير العاصية، والثاني في دير الزريقية، والثالث دير الزندورد، والرابع دير درمالس هذا يجتمع إليه النصارى والمتفرجون، وفيه يقول أبو عبد الله أحمد بن حمدون النديم:
يا دير درمالس ما أحسنك، ويا غزال الدير ما أفتنك!
لئن سكنت الدير يا سيدي، فإن في جوف الحشا مسكنك ويحك يا قلب! أما تنتهي عن شدة الوجد لمن أحزنك؟
ارفق به بالله يا سيدي، فإنه من حتفه مكنك دير الدهدار: بنواحي البصرة في طريق القاصد لها من واسط، وإليه ينسب نهر الدير، وقد ذكرته في موضعه، وهو دير قديم أزلي كثير الرهبان معظم عند النصارى، وبناؤه من قبل الاسلام، وفيه يقول محمد بن أحمد المعنوي البصري الشاعر:
كم بدير الدهدار لي من صبوح وغبوق، في غدوة ورواح وإليه ينسب مجاشع الديري البصري، وكان عبدا صالحا، حكى عن أبي حبيب محمد العابدي، روى عنه العباس بن الفضل الأزرق، والله أعلم.
دير دينار: ناحية بجزيرة أقور لا أدري أين موقعه منها، قال ابن مقبل:
يا صاحبي انظراني، لا عدمتكما، هل تؤنسان بذي ريمان من نار؟
نار الأحبة شطت بعدما اقتربت، هيهات أهل الصفا من دير دينار!
(٥٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 504 505 506 507 508 509 510 511 512 513 514 ... » »»