عند الجلسد وقد ذبح له رجل من بني الامري بن مهرة ذبحا إذ سمعنا فيه كهمهمة الرعد، فأصغينا فإذا قائل يقول: شعار أهل عدم، انه قضاء حتم، ان بطش سهم فقد فاز سهم، فقلنا: ربنا وضاح وضاح! فأعاد الصوت وهو يقول: ناء نجم العراق، يا أخزر بن علاق، هو أحسست جمعا عما، وعددا جما، يهوي من يمن وشام، إلى ذات الآجام، نور أظل، وظلام أفل، وملك انتقل، من محل إلى محل. ثم سكت فلم ندر ما هو، فقلنا: هذا أمر كائن. فلما كان في العام المقبل وقد راث علينا ما كنا نسمع من كلام الصنم وساءت ظنوننا وقربنا قربانا ولطخنا بدمه وكذلك كنا نفعل، فإذا الصوت قد عاد علينا فتباشرنا وقلنا: عم صباحا ربنا لا مصد عنك ولا محيد، تشاجرت الشؤون، وساءت الظنون، فالعياذ من غضبك، والاياب إلى صفحك! فإذا النداء من الصنم يقول: قلبت البنات، وعزاها واللات، وعلياها ومناة، منعت الأفق فال مصعد، وحرست فلا مقعد، وأبهمت فلا متلدد، وكان قد ناجم نجم، وهاجم هجم، وصامت زجم، وقابل رجم، وداع نطق، ء وحق بسق، وباطل زهق. ثم سكت. فتحدثت القبائل بهذا في مخاليف اليمن فأنا لعلى افان ذلك إذ أضل رجل من كندة إبلا فأقبل إلى الجسد فنحر جزورا واستعار ثوبين من ثياب السدنة واكتراهما فلبسهما، وكذلك كانوا يفعلون، ثم قال: أنشدك يا رب أبكرا ضخما مدمومة دما مخلوقة بالأفخاذ مخبوطة بالحاذ أضللتها بين جماهير النخرة حيث الشقيقة والضفرة، فاهد رب وأرشد، فلم يجب، قال الأخزر:
فانكسر لذلك، وقد كان فيما مضى يخبرنا بالأعاجيب، فما جن علينا الليل بت مبيتي عنده فإذا هاتف يقول:
لا شأن للجلسد ولا رثي لهدد، استقام الأود وعبد الواحد الصمد، واكفي الحجر الأصلد، والرأس الأسود، قال: فنهضت مذعورا فأتيت الصنم فإذا هو منقلب على رأسه وكان لو اجتمع فئام من الناس ما حلحلوه، فوالذي نفسي بيده ما عرجت على أهل ولا مال حتى أتيت راحلتي وخرجت حتى أتيت صنعاء فقلت: هل من خابئة خبر? فقيل لي: ظهر رجل بمكة يدعوا إلى خلع الأوثان ويزعم أنه نبي، فلم أزل أطوف في مخاليف اليمن حتى ظهر الاسلام، فأتيت النبي، صلى الله عليه وسلم، فأسلمت، وفي أشعارهم:
... كما بيقر من يمشي إلى الجلسد والبيقرة: مشية يطأطئ الرجل فيها رأسه.
جلس: بالكسر، والسكون، والسين مهملة، والجلس في اللغة والجليس واحد، وجلس والقنان:
جبلان مما يلي علياء أسد وعلياء غطفان، ويروى قول العرجي بكسر الجيم:
بنفسي والنوى أعدى عدو لئن لم يبق لي بالجلس جارا وماذا كثرة الجيران تغني إذا ما بان من أهوي وسارا?
الجلس: بالفتح، وهو الغليظ من الأرض، ومنه جمل جلس وناقة جلس أي وثيق جسيم. والجلس: علم لكل ما ارتفع من الغور في بلاد نجد، قال ابن السكيت:
جلس القوم إذا أتوا نجدا، وهو الجلس، وأنشد:
شمال من غار به مفرعا، وعن يمين الجالس المنجد وقال الهذلي:
إذا ما جلسنا لا تكاد تزورنا سليم، لدى أبياتنا، وهوازن