الذريعة - آقا بزرگ الطهراني - ج ١ - الصفحة مقدمة الكتاب ٩
هناك أغرار بسطاء لا يتلقون الحقائق إلا ممن لا كفاءة له من مستشرق متطفل على علوم المسلمين، أو متحيز إلى فئة تضر عداء للقوم وتنظر إليهم بمؤخر عينها يتحرون الحقيقة من هؤلاء كمن يتطلب الدرياق من فقم الأفعى، فمن جراء ذلك طالما لاكت أشداق قوم ودارت بين لهوات آخرين (أن الشيعة ليس لها مؤلفات يستفيد بها خلفهم في شتى العلوم ولا جرم أنهم متطفلون على موائد غيرهم متسولون من البعداء متكففون في علومهم) هذا وعندهم من علوم آل البيت عليهم السلام في كل باب ما تخضع له الأعناق وتخبت به القلوب وتعنو لها النفوس.
مضت على ذلك أدوار لا ينشر للشيعة ما ينم عن فضلهم الباهر وعقليتهم الناضجة، وربما شفع ذلك بنشر ما هم منه براء من عز مختلق وشنعة مكذوبة تولعوا بهاتيك السفاسف كأنهم يحدثون عن إحدى الأمم البائدة التي لم تبق لها الأيام أثرا، أو يخبرون عن حثالة من حشوة الناس وساقة الأمم لم يدع لهم الجهل المطبق من يدفع عن شرفها، هذا وهم نصف الأمة وفيهم الفلاسفة والعلماء والساسة والملوك والكتاب والمؤلفون وصاغة القول ومداره الكلام.
من تلق منهم تلق كهلا أو فتى * علم الهدى بحر الندى المورودا في الآونة الأخيرة قيض المولى سبحانه فذا من أفذاذ الأمة وأوحديا من عباقرة المسلمين للبرهنة على هذه الدعوى، ألا وهو العلامة الأكبر حجة الاسلام الشيخ " محمد المحسن " الرازي المتولد في الحادي عشر من ربيع الأول سنة 1293 نزيل سامراء حرم الامامين العسكريين عليهما السلام مدرسة آية الله المجدد الشيرازي قدس سره، قيضه المولى ومعه حافز من الضمير الحر والحفاظ المر وبيمينه (كتاب لا ريب فيه هدى للمتقين) يملي على العالم كله ما لامته من المجد الغابر والسؤدد الحاضر والشرف الوضاح بنشر العلم واقتناء الفضائل، ألا وهو هذا الكتاب الذي يزفه الطبع إلى القراء الكرام (الذريعة إلى تصانيف الشيعة) وينهي إلى الملا أن الشيعة لم يقصروا عن إخوانهم من فرق الاسلام في التحلي بالعلوم والحكم ولا أنهم وانون في كلاءة نواميس الدين وبث تعاليم الحنيفية البيضاء أو السعي في مناجح الأمة،
(مقدمة الكتاب ٩)