الذريعة - آقا بزرگ الطهراني - ج ١ - الصفحة مقدمة الكتاب ٦
مقدمة الكتاب (بقلم العلامة الكبير حجة الاسلام الشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء) بسم الله الرحمان الرحيم، وله العظمة والكبرياء، وخالص الحمد والثناء، والصلاة والسلام على سيدنا محمد سيد الأنبياء، وآله سادة الأصفياء (وبعد) فحقا أن لكل شئ من الكائنات ميزانا يعرف به قدره ومعياره، وجوهره ونجاره، وميزان كل شئ بحسبه. وموازين الرجال التي تعرف بها أقدارها، وتشع بها أنوارها، هي أعمالها وآثارها، وشرف مساعيها، وفيض أياديها، وسمو همتها، وعميم منفعتها وقيامها بالامر الواجب، ونهوضها بأداء اللازم، وإقدامها على ما تقاعس عنه الفحول ووقفت دونه عزائم أولي العقول.
ولقد مر على الطائفة الحقة الامامية ثلاثة عشر قرنا وفي كل قرن من العلماء والعظماء المؤلفون بعامة العلوم وشتى أنواع الفنون، وقد خلفوا من أصناف التصانيف وآلاف التأليف، ما لا يحصى عددهم وعدد مؤلفاتهم غير خالقهم، ولقد كان من الحري بل اللازم أن يقوم في كل عصر من يضبط أسماء علمائه ومؤلفاتهم حتى تتصل سلسلة الاعصار بعضها ببعض وتعرف مؤلفات أساطين هذه الطائفة الوضائة المجد بثقافتها وعلومها وآدابها ومعارفها والتي يمكن أن يقال أنه ليس في طوائف الاسلام طائفة أعظم منها في العلوم آثارا ومأثرا، وأبعد منه قدما وتقدما وإقداما، وأوسع منا دائرة معارف ودورة عوارف، ولكن كان ومن المؤسف أن مآثر علمائها لا تزال مجهولة حتى لأهل العلم من أبنائها فضلا عن عوامها وعامة أغيارها من سائر المذاهب والملل، ولم ينهض في غضون هذه المدة المتطاولة والقرون المترامية من يقوم بهذه الخدمة الجليلة لامته وأعاظم ملته بل لخدمة العلم والتاريخ وفي ذمة الوفاء والفضيلة.
نعم تعدى في هذه الأواخر بعض فضلاء الروم فكتب كتابه المعروف (بكشف الظنون)
(مقدمة الكتاب ٦)