كشف الظنون - حاجي خليفة - ج ١ - الصفحة ٤٥
وهو راجع إلى جودة القوة الحافظة وضعفها وذلك من أحوال الأمزجة الخلقية وإن كان مما يقبل العلاج.
المنظر السابع: في شرائط تحصيل العلم وأسبابه وفيه فتوحات أيضا فتح: واعلم أن شرائط التحصيل كثيرة لكنها مجتمعة فيما نقل عن سقراط وهو قوله: ينبغي للطالب أن يكون شابا فارغ القلب غير ملتفت إلى الدنيا صحيح المزاج محبا للعلم بحيث لا يختار على العلم شيئا من الأشياء صدوقا منصفا بالطبع متدينا أمينا عالما بالوظائف الشرعية والأعمال الدينية غير مخل بواجب فيها ويحرم على نفسه ما يحرم في ملة نبيه ويوافق الجمهور في الرسوم والعادات ولا يكون فظا سئ الخلق ويرحم من دونه في المرتبة ولا يكون أكولا ولا متهتكا ولا خاشعا من الموت ولا جامعا للمال الا بقدر الحاجة فان الاشتغال بطلب أسباب المعيشة مانع عن التعلم انتهى.
فتح: ومن الشروط تزكية الطالب عن الأخلاق الردية وهى متقدمة على غيرها كتقدم الطهارة فكما ان الملائكة لا تدخل بيتا فيه كلب كذلك لا تدخل القلب إذا وجد فيه كلاب باطنية وكانت الأوائل يختبرون المتعلم أولا فان وجدوا فيه خلقا رديا منعوه لئلا يصير آلة الفساد وان وجدوه مهذبا علموه ولا يطلقونه قبل الاستكمال خوفا على فساد دينه ودين غيره.
فتح: ومنها الاخلاص في مقاساة هذا المسلك وقطع الطمع عن قبول أحد فيجب ان ينوى في تعلمه ان يعمل بعلمه لله تعالى وان يعلم الجاهل ويوقظ الغافل ويرشد الغوي فإنه قال عليه السلام من تعلم العلم الأربع دخل الناس ليباهي به العلماء وليمارى به السفهاء ويقبل به وجوه الناس إليه وليأخذ به الأموال.
فتح: ومن الشروط تقليل العوائق حتى الأهل والأولاد والوطن فإنها صارفة وشاغلة ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه ومهما توزعت الفكرة قصرت عن درك الحقائق وقد قيل العلم لا يعطيك بعضه حتى تعطيه كلك فإذا أعطيته كلك فأنت على خطر من الوصول إلى بعضه.
فتح: ومنها ترك الكسل وايثار السهر في الليالي ومن جملة أسباب الكسل فيه ذكر الموت والخوف منه لكنه ينبغي أن يكون من جملة أسباب التحصيل إذ لا عمل يحصل به الاستعداد للموت أفضل من العلم والعمل به والخوف منه لا ينبغي ان يتسلط على الطالب بحيث يشغله عن الاستعداد وقوله عليه الصلاة والسلام أكثروا ذكر هادم اللذات يدل على أنه ينبغي أن يكون ذكره سببا للانقطاع عن اللذات الفانية دون الباقية.
(٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 ... » »»