ببعض الوقائع وكثيرا ما يترجم بلفظ يومئ إلى معنى حديث لم يصح على شرطه أو يأتي بلفظ الحديث الذي لم يصح على شرطه صريحا في الترجمة ويورد في الباب ما يؤدى معناه بأمر ظاهر تارة وتارة بأمر خفى فكأنه يقول لم يصح في الباب شئ على شرطي ولذا اشتهر في قول جمع من الفضلاء فقه البخاري في تراجمه وللغفلة عن هذه الدقيقة اعتقد من لم يمعن النظر انه ترك الكتاب بلا تبييض وبالجملة فتراجمه حيرت الأفكار وأدهشت العقول والابصار وانما بلغت هذه المرتبة لما روى أنه بيضها بين قبر النبي صلى الله تعالى عليه وسلم ومنبره وانه كان يصلى لكل ترجمة ركعتين. واما تقطيعه للحديث واختصاره واعادته في أبواب فإنه كان يذكر الحديث في مواضع ويستدل به في كل باب باسناد آخر ويستخرج منه معنى يقتضيه الباب الذي أخرجه فيه وقلما يورد حديثا في موضعين باسناد واحد ولفظ واحد وانما يورده من طريق أخرى لمعان. والتي ذكرها في موضعين سندا ومتنا معادا ثلاثة وعشرون حديثا. واما اقتصاره على بعض المتن من غير أن يذكر الباقي في موضع آخر فإنه لا يقع له ذلك في الغالب الا حيث يكون المحذوف موقوفا على الصحابي وفيه شئ قد يحكم برفعه فيقتصر على الجملة التي حكم لها بالرفع ويحذف الباقي لأنه لاتعلق له بموضوع كتابه واما ايراده الأحاديث المعلقة مرفوعة وموقوفة فيوردها تارة مجزوما بها كقال وفعل فلها حكم الصحيح وتارة غير مجزوم بها كيروي ويذكر وتارة يوجد في موضع آخر منه موصولا وتارة معلقا للاختصار أو لكونه لم يحصل عنده مسموعا أوشك في سماعه أو سمعه مذاكرة وما لم يورده في موضع آخر فمنه ما هو صحيح الا انه ليس على شرطه ومنه ما هو حسن ومنه ما هو ضعيف. واما الموقوفات فإنه يجزم فيها بما صح عنده ولم [ولو لم] يكن على شرطه ولا يجزم بما كان في اسناده ضعف أو انقطاع وانما يورده على طريق الاستئناس والتقوية لما يختاره من المذاهب والمسائل التي فيها الخلاف بين الأئمة فجميع ما يورده فيه اما أن يكون مما ترجم به أو مما ترجم له فالمقصود في هذا التأليف بالذات هو الأحاديث الصحيحة وهى التي ترجم لها والمذكور بالعرض والتبع الآثار الموقوفة والمعلقة والآيات المكرمة فجميع ذلك يترجم به فقد بان ان موضوعه انما هو للمسندات والمعلق ليس بمسند انتهى من مقدمة فتح الباري ملخصا. واما عدد أحاديثه فقال ابن الصلاح سبعة آلاف ومائتان وخمسة وسبعون حديثا
(٥٤٣)