لبست ثوب الرجا والناس قد رقدوا * وقمت أشكوا إلى مولاي ما أجد وقلت يا عدتي (1) في كل نائبة * ومن عليه لكشف الضر أعتمد وقد مددت يدي والضر مشتمل * إليك يا خير من مدت إليه يد فلا تردنها يا رب خائبة * فبحر جودك يروي كل من يرد أنشدني شهاب الحاتمي بهراة قال: أنشدنا أبو سعد بن السمعاني قال: أنشدنا أبو المظفر شبيب بن الحسين القاضي، أنشدني أبو إسحاق - يعني الشيرازي - لنفسه:
جاء الربيع وحسن ورده * ومضى الشتاء وقبح برده فاشرب على وجه الحبيب * وجنتيه وحسن خده قال ابن السمعاني: قال لي شبيب: ثم جاء بعد [أن] (2) أنشدني هذين البيتين بمدة: كنت جالسا عند الشيخ، فذكر بين يديه أن هذين البيتين أنشدا عند القاضي يمين الدولة حاكم صور، بلدة على ساحل بحر الروم، فقال لغلامه: أحضر ذاك الشأن - يعني الشراب - فقد أفتانا به الإمام أبو إسحاق، فبكى الإمام ودعا على نفسه، وقال: ليتني لم أقل هذين البيتين قط. ثم قال لي: كيف نردها من أفواه الناس؟ فقلت:
يا سيدي هيهات! قد سارت به الركبان. كان أبو إسحاق إذا بقي مدة لا يأكل شيئا صعد إلى النصرية في أعلى بغداد وكان له فيها صديق باقلاني، فكان يثرد له رغيفا ويشربه بماء الباقلاء فربما صعد إليه وكان قد فرغ من بيع الباقلاء ويغلق الباب فيقف أبو إسحاق ويقرأ (تلك إذا كرة خاسرة) ويرجع.
كان القاضي أبو الطيب يسمى الشيخ أبا إسحاق (حمامة المسجد) للزومه واشتغاله بالعلم طول ليله ونهاره. كان الشيخ أبو إسحاق يمشي في الطريق ومعه بعض أصحابه فعرض لهما كلب، فقال ذلك الفقيه للكلب: اخسأ! وزجره، فنهاه الشيخ أبو إسحاق عن ذلك وقال: لم طردته عن الطريق؟ أما عرفت أن الطريق بيني وبينه مشترك.
قال ابن الخاضبة: سمعت الشيخ أبا إسحاق يقول: لو عرض هذا الكتاب الذي صنفته - وهو المهذب - على النبي صلى الله عليه وسلم [لقال] هذا هو شريعتي [التي] (3) أمرت بها أمتي.