كان نصرانيا، وكان يقرأ المنطق على أبي علي بن الوليد شيخ المعتزلة ويلازمه، فلم يزل يدعوه إلى الإسلام ويشرح له الدلالات حتى أسلم. وكان عالما بالحكمة والطب.
وله مصنفات حسنة مفيدة في الطب، منها كتاب منهاج البيان فيما يستعمله الإنسان.
ومن شعره قوله يمدح رسول الله صلى الله عليه وسلم:
وشاهر السيف قبل السيف الذر هم * والناس قد عكفوا جهلا على هبل إمام معجزة قولا ونممه * فعلا فأحكمه بالقول والعمل توفي في آخر شعبان سنة ثلاث وتسعين وأربعمائة، وكان وقف كتبه في مشهد أبي حنيفة.
202 - يحيى بن محمد بن هبيرة بن سعيد بن حسين بن أحمد بن الحسن بن جهم بن عمر بن هبيرة بن علوان، أبو المظفر الوزير (1):
قلده الإمام المقتفي لأمر الله الوزارة وخلع عليه. وكانت أيام وزارته منيرة بالعدل، مزهرة بالجود والفضل، وكان محبا لأهل العلم، يحضر مجلسه الفقهاء والأدباء والقراء وأصحاب الحديث، ويبحث مع كل منهم في فنه، فيسفر فكره عن فائدة لطيفة ونكتة ظريفة، ويشهد له الجماعة بوفور فضله وجلالة قدره. وكانت له مصنفات حسنة في عدة فنون من العلم والقراءات والحديث والأدب، وأجلها كتاب الإفصاح عن معاني الأحاديث الصحاح، شرح فيه أحاديث صحيحي البخاري ومسلم، وبين فقهها ولغتها ومعانيها بألفاظ تعرب عن نبله وجلاله، وتفصح عن بعد مرماه في الفضل وكماله، وتبين عن غزارة علمه وحسن تصوره وفهمه.
وقرئ عليه في مجلس عام جامع لأئمة أهل الإسلام ثم إنه رتب لحفظ هذا الكتاب من المتعلمين ألفا وثمانمائة طالب، وجعل لهم مائة وأربعين معيدا لتحفيظهم وتفقيههم بحيث لم يبق مسجد ولا مدرسة إلا ويلقي فيهما درس منه. وبعد حفظ الطلبة لدروسهم يحضرون مع مفيدهم في حضرة الوزير فيقرؤنه من حفظهم، فيوصل إليهم من المبار والأنعام ما يدهش سائر الأنعام ما يدهش سائر الأنام. ويقال: إنه أنفق على هذا الكتاب حتى جمعه مائة ألف دينار وثلاثة عشر ألف دينار. سمع الحديث من أبي عثمان إسماعيل بن قيلة وأبي القاسم هبة الله بن الحسين وأبي غالب بن البنا وأبي الحسين محمد بن محمد بن