دائم الصيام، كان يصلي كان يوم وليلة ثلاثمائة ركعة. دعي إلى أن يقول (لفظي بالقرآن مخلوق) فأبى، فمنع من التحديث بدمشق، فسافر إلى مصر فأقام بها إلى أن مات.
قال تاج الدين الكندي: رأيت ابن ناصر والحافظ أبا العلاء الهمذاني وغيرهما من الحفاظ، فما رأيت أحفظ من عبد الغني بن عبد الواحد المقدسي. وله مصنفات مشهورة.
125 - عبد القادر بن أبي صالح بن جنكي دوست (1):
من أهل جيلان. أحد الأئمة الأعلام، صاحب الكرامات الظاهرة. قدم بغداد في سنة ثمان وثمانين وأربعمائة، وله ثماني عشرة سنة، فقرأ الفقه على أبي الوفاء بن عقيل وأبي الخطاب الكلوذاني، وسمع الحديث من أبي غالب محمد بن الحسن الباقلاني وأبي سعد محمد بن عبد الكريم بن خشيش وأبي عثمان إسماعيل بن محمد بن مسلمة (2) الأصبهاني في آخرين، وقرأ الأدب على أبي زكريا التبريزي، ثم لازم الانقطاع والخلوة والرياضة والمجاهدة، وصحب الشيخ حماد الدباس وأخذ عنه علم الطريقة، ثم إن الله تعالى أظهره للخلق وأظهر الله الحكمة في قلبه على لسانه، وظهرت علامات من الله تعالى وأمارات ولايته. وحدث وصنف، وله الكلام المليح في الحقيقة، فمنه قوله: (الخلق حجابك عن نفسك، ونفسك حجابك عن ربك، ما دمت ترى الخلق لا ترى نفسك، وما دمت ترى نفسك لا ترى ربك). وقال:
(الأولياء عرائس الله تعالى، لا يطلع عليهم إلا ذا محرم).
سمعت عبد العزيز بن عبد الملك الشيباني يقول: سمعت عبد الغني بن عبد الواحد يقول: سمعت أبا محمد بن الخشاب النحوي يقول: كنت - وأنا شاب أقرأ النحو - أسمع الناس يصفون الشيخ عبد القادر ويذكرون حسن كلامه في مجالس وعظه، فكنت أريد أن أسمعه ولا يتسع وقتي لذلك، واتفق يوما أن حضرت مجلسه مع الناس، فلما تكلم أم أستحسن كلامه ولم أفهمه، وقلت في نفسي: ضاع النحو مني! قال:
فالتفت الشيخ إلى الجهة التي كنت فيها وقال: ويلك! تفضل الاشتغال بالنحو على مجالس الذكر وتختار ذلك؟ أصحبتنا تصيرك سيبويه؟.