سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٢٣ - الصفحة ٢٠٥
وإقبال، والجمال القفطي الوزير، والأمور كلها منوطة بالصاحبة، وتوجه رسولا قاضي حلب زين الدين ابن الأستاذ إلى الكامل ومعه سلاح العزيز وعدته فحزن عليه الكامل.
وفي سنة ثمان وأربعين في ربيع الآخر نازل السلطان دمشق ففتحت له واستولى عليها وجعلها دار ملكه، ثم سارع ليأخذ مصر فانكسر وقتل نائبه لؤلؤ.
وفي سنة اثنتين وخمسين كان عرسه على بنت صاحب الروم وأولدها.
وكان جوادا ممدحا، حسن الأخلاق، مزاحا، لعابا، كثير الحلم، محبا للأدب والعلم، وفي دولته انحلال وانخناث، لعدم سطوته، وكان يمد سماطه باهرا من الدجاج المحشي ويذبح له في اليوم أربع مئة رأس، فيبيع الفراشون من الزبادي الكبار الفاخرة الأطعمة شيئا كثيرا، بحيث إن الناصر زار يوما العز المطرز فمد له أطعمة فاخرة فتعجب وكيف تهيأ ذلك، فقال: يا خوند لا تعجب فكله من فضلة سماط السلطان أيده الله.
وكان السلطان يحفظ كثيرا من النوادر والاشعار، ويباسط جلساءه، وقيل: ربما غرم على السماط عشرين ألفا. أنشأ مدرسته بدمشق، وحضرها يوم التدريس، وأنشأ الرباط الكبير، وأنشأ خان الطعم، ولما أقبلت التتار، تأخر إلى قطيا، ثم خاف من المصريين، فشرق نحو التيه، ورد إلى البلقاء فكبسته التتار فهرب، ثم انخدع واغتر بأمانهم، فذهب وندم، وبقي في هوان وغربة، هو وأخوه الملك الظاهر. وقيل: لما كسبوه دخل البرية فضايقوه حتى عطش فسلم نفسه، فأتوا به إلى كتبغا وهو يحاصر عجلون فوعده وكذبه
(٢٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 200 201 202 203 204 205 206 207 208 209 210 ... » »»