سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٢١ - الصفحة ٢٩٣
وقال الموفق عبد اللطيف: كان العزيز شابا، حسن الصورة، ظريف الشمائل، قويا، ذا بطش، وأيد، وخفة حركة، حييا، كريما، عفيفا عن الأموال والفروج، بلغ من كرمه أنه لم تبق له خزانة، ولا خاص، ولا برك، ولا فرس. وبيوت أمرائه تفيض بالخيرات، وكان شجاعا مقداما، بلغ من عفته أنه كان له غلام تركي بألف دينار يقال له أبو شامة، فوقف، فراعه حسنه، فأمره أن ينزع ثيابه، وجلس منه مجلس الخنا، فأدركه توفيق، فأسرع إلى سرية له، فقضى وطره. إلى أن قال: وأما عفته عن المال، فلا أقدر أن أصف حكاياته في ذلك.
وقال ابن واصل (1): كانت الرعية يحبونه محبة عظيمة شديدة، وكانت الآمال متعلقة بأنه يسد مسد أبيه. ولما سار أخوه الأفضل مع العادل، ونازلا بلبيس، وتزلزل، بذلت له الرعية أموالها، فامتنع.
قال ابن واصل (2): وحكي عنه أن عبد الكريم ابن البيساني أخا القاضي الفاضل كان يتولى البحيرة مدة، وحصل (3)، ووقع بينه وبين أخيه، فعزل، وكان مزوجا ببنت ابن ميسر، فأساء عشرتها لسوء خلقه، فتوجه أبوها، وأثبت عند قاضي الإسكندرية ضررها، وأنه قد حصرها في بيت، فمضى القاضي بنفسه، ورام أن يفتح عنها، فلم يقدر، فأحضر نقابا، فنقب البيت، وأخرجها، ثم سد النقب، فهاج عبد الكريم، وقصد الأمير جهاركس بمصر، وقال: هذه خمسة آلاف دينار لك، وأربعون ألف دينار للسلطان، وأولى قضاء الإسكندرية. فأتى العزيز ليلا، وأحضر

(1) (مفرج الكروب): 3 / 83.
(2) نفسه: 3 / 84.
(3) يعني حصل أموالا جزيلة
(٢٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 288 289 290 291 292 293 294 295 296 297 298 ... » »»