سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١٨ - الصفحة ٣٦١
سبوح قدوس. يستهزئ بقوله، فأمر بأخذه (1)، فاتفق أنه أخذ عدن، وخطب، وصيرها دار ملكه، وأنشأ عدة قصور أنيقة، وأسر ملوكا، وامتدت أيامه، ثم حج، وأحسن إلى أهل مكة.
وكان أشقر أزرق، يسلم على من مر عليهم، وكان ذا ذكاء ودهاء، كسا الكعبة البياض، وخطب لزوجته (2) أيضا معه على المنابر، وكان فرسه بألف دينار، ويركب بالعصائب، وترك الحرة في مئتي جارية في الحلي والحلل ومعها الجنائب (3) بسروج الذهب، ثم إنه حج في سنة ثلاث وسبعين، واستخلف على اليمن ابنه أحمد الملك المكرم، فلما نزل بالمهجم (4)، وثب عليه جياش بن نجاح وأخوه سعيد الأحول، فقتلاه بأبيهما، وكانا قد خرجا في سبعين نفسا بلا سلاح، بل مع كل واحد جريدة في رأسها زج، وساروا نحو الساحل، فجهز لحربهم خمسة آلاف، فاختلفوا في الطريق، ووصل السبعون إلى منزلة الصليحي، وقد أخذ منهم التعب والحفاء، فظنهم الناس من عبيد العسكر، فشعر بهم أخو الصليحي، فدخل مخيمة وقال: اركب فهذا الأحول سعيد. فقال الصليحي: لا أموت إلا بالدهيم (5). فقال رجل: قاتل عن نفسك، فهذا والله الدهيم. فلحقه زمع الموت، وبال، وما برح حتى قطع رأسه بسيفه، وقتل أخوه عبد الله وأقاربه، وذلك في ذي القعدة من سنة

(1) في " وفيات الأعيان ": فأمر بالحوطة عليه، وخطب الصليحي في مثل ذلك اليوم على منبر عدن، فقال ذلك الانسان، وتغالى في القول، وأخذ البيعة، ودخل في المذهب.
(2) واسمها أسماء بنت شهاب، المعروفة بالحرة الصليحية، ستأتي ترجمتها في الاجزاء التالية من هذا الكتاب. وانظر " أعلام " الزركلي 1 / 305، 306.
(3) الجنائب: جمع جنيبة، وهي: الدابة تقاد ولا تركب.
(4) المهجم: بلد وولاية من أعمال زبيد باليمن، بينها وبين زبيد: ثلاثة أيام، ويقال لناحيتها خزاز " معجم البلدان ".
(5) قال ياقوت: الدهيم، تصغير ترخيم أدهم، أظنه موضعا كان فيه يوم للعرب.
(٣٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 356 357 358 359 360 361 362 363 364 365 366 ... » »»