سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١٧ - الصفحة ٢٤٨
قال الخشاب: كان مرضيا عند الخاص والعام، والموافق والمخالف، والسلطان والرعية، في بلده وفي سائر بلاد المسلمين، ومضى إلى الله كذلك، وحبب تصانيفه إلى الناس، وبيعت بأغلى الأثمان، وقد بعت يوما من ذلك على رداءة خطي بعشرين دينارا، وكان في الاحياء، وقد سمع منه كتاب " حقائق التفسير " أبو العباس النسوي، فوقع إلى مصر، فقرئ عليه، ووزعوا له ألف دينار، وكان الشيخ ببغداد حيا. وسمعت أبا مسلم غالب بن علي الرازي يقول: لما قرأنا كتاب " تاريخ الصوفية " في شهور سنة أربع وثمانين وثلاث مئة بالري، قتل صبي في الزحام، وزعق رجل في المجلس زعقة، ومات، ولما خرجنا من همذان، تبعنا الناس لطلب الإجازة مرحلة.
قال السلمي: ولما دخلنا بغداد، قال لي الشيخ أبو حامد الأسفراييني: أريد أن أنظر في " حقائق التفسير "، فبعثت به إليه، فنظر فيه، وقال: أريد أن أسمعه، ووضعوا لي منبرا.
قال: ورأينا في طريق همذان أميرا، فاجتمعت به، فقال: لابد من كتابة " حقائق التفسير ". فنسخ له في يوم، فرق على خمسة وثمانين ناسخا، ففرغوه إلى العصر، وأمر لي بفرس جواد ومئة دينار وثياب كثيرة، فقلت: قد نغصت علي، وأفزعتني، وأفزعت الحاج، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ترويع المسلم، فإن أردت أن يبارك لك في الكتاب، فاقض لي حاجتي. قال: وما هي؟ قلت: أن تعفيني من هذه الصلة. فإني لا أقبل ذلك. ففرقها في نقباء الرفقة، وبعث من خفرنا، وكان الأمير نصر بن سبكتكين صاحب الجيش عالما، فلما رأى ذلك التفسير، أعجبه، وأمر بنسخه في عشر مجلدات، وكتبة الآيات بماء الذهب، ثم قالوا: تأتي حتى
(٢٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 243 244 245 246 247 248 249 250 251 252 253 ... » »»