سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١٧ - الصفحة ٢٥١
حاتم الفراهيجي، سمعت فضالة النسوي، سمعت ابن المبارك يقول:
حق على العاقل أن لا يستخف بثلاثة: العلماء والسلاطين والاخوان، فإنه من استخف بالعلماء ذهبت آخرته، ومن استخف بالسلطان ذهبت دنياه، ومن استخف بالاخوان ذهبت مروءته.
القشيري: سمعت السلمي يقول: خرجت إلى مرو في حياة الأستاذ أبي سهل الصعلوكي، وكان له قبل خروجي أيام الجمع بالغدوات مجلس دور (1) القرآن بختم، فوجدته عند رجوعي قد رفع ذلك المجلس، وعقد لابن العقابي (2) في ذلك الوقت مجلس القول فداخلني من ذلك شئ، وكنت أقول في نفسي: استبدل مجلس الختم بمجلس القول - يعني الغناء - فقال لي يوما: يا أبا عبد الرحمن: أيش يقول الناس لي؟ قلت: يقولون:
رفع مجلس القرآن، ووضع مجلس القول. فقال: من قال لإستاذه: لم؟
لا يفلح أبدا (3).
قلت: ينبغي للمريد أن لا يقول لإستاذه: لم، إذا علمه معصوما لا يجوز عليه الخطأ، أما إذا كان الشيخ غير معصوم وكره قول: لم؟ فإنه لا يفلح أبدا، قال الله تعالى: (وتعانوا على البر والتقوى) [المائدة: 2]

(1) أثبت محقق " طبقات " السبكي 4 / 146 بدل هذه الكلمة كلمة " ورد ".
(2) في الأصل: " القعابي " بتقديم القاف: ولم نقف على هذه النسبة، والمثبت من " طبقات " السبكي 4 / 146 وهي نسبة إلى العقابة، وهو بطن من حضرموت.
(3) أورد الخبر السبكي في " طبقاته الكبرى " 4 / 146، 147، وقد تشبث كثير ممن ينتسب إلى العلم بهذه المقالة، ورددها على لسانه أمام تلامذته، وكان من أثر ذلك أن اعتقد التلامذة العصمة في كل ما يقوله هذا الشيخ من آراء، وبقوا في التقليد الأعمى يتخبطون، وتبلدت أذهانهم، وضعفت مداركهم، حتى إنهم يظهر لهم بوضوح وجلاء أشياء كثيرة قد أخطأ فيها الشيخ، ولكنهم لا يتجزؤون على مخالفته لتلك المقالة السيئة.
(٢٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 246 247 248 249 250 251 252 253 254 255 256 ... » »»