سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١٧ - الصفحة ٢٤٩
يسمع الأمير الكتاب. فقلت: لا آتيه البتة. ثم جاؤوا خلفي إلى الخانقاه، فاختفيت، ثم بعث بالمجلد الأول، وكتبت له بالإجازة.
قال: ولما توفي جدي أبو عمرو، خلف ثلاثة أسهم في قرية، قيمتها ثلاثة آلاف دينار، وكانوا يتوارثون ذلك عن جده أحمد بن يوسف السلمي، وكذلك خلف أيضا ضياعا ومتاعا، ولم يكن له وارث غير والدتي، وكان على التركات رجل متسلط، فكان من صنع الله أنه لم يأخذ من ذلك شيئا، وسلم إلي الكل، فلما تهيأ أبو القاسم النصراباذي للحج، استأذنت أمي في الحج، فبعت سهما بألف دينار، وخرجت سنة 366، فقالت أمي:
توجهت إلى بيت الله، فلا يكتبن عليك حافظاك شيئا تستحي منه غدا.
وكنت مع النصراباذي أي بلد أتيناه يقول: قم بنا نسمع الحديث. وسمعته يقول: إذا بدا لك شئ من بوادي الحق، فلا تلتفت معها إلى جنة ولا نار، وإذا رجعت عن تلك الحال، فعظم ما عظمه الله.
وقال: أصل التصوف ملازمة الكتاب والسنة، وترك الأهواء والبدع، وتعظيم حرمات المشايخ، ورؤية أعذار الخلق، والدوام على الأوراد.
قال عبد الغافر بن إسماعيل الفارسي في " سياق التاريخ ": أبو عبد الرحمن شيخ الطريقة في وقته، الموفق في جميع علوم الحقائق، ومعرفة طريق التصوف، وصاحب التصانيف المشهورة العجيبة، ورث التصوف من أبيه وجده، وجمع من الكتب ما لم يسبق إلى ترتيبه حتى بلغ فهرس كتبه المئة أو أكثر، حدث أكثر من أربعين سنة قراءة وإملاء، وكتب الحديث بنيسابور ومرو والعراق والحجاز، وانتخب عليه الحفاظ. سمع من أبيه وجده ابن نجيد، وأبي عبد الله الصفار، وأبي العباس الأصم، ومحمد بن يعقوب الحافظ، وأبي إسحاق الحيري، وأبي جعفر الرازي، وأبي الحسن
(٢٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 244 245 246 247 248 249 250 251 252 253 254 ... » »»