سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١٧ - الصفحة ١٣٢
الحلفاء (1) وأعطيك أجرة؟ قال: نعم. فأقام عنده يعاونه، ويأكل معه، فتعلم صنعة الحصر، وأقام بالقدس سنين، ولم يدر به أحد، ثم رجع إلى الأندلس في سنة أربع وعشرين وأربع مئة.
قال عزيز: فهذا نص ما رواه مشايخ من أهل الأندلس، والذي ذكره ابن حزم في كتاب " نقط العروس " أنه قال: أخلوقة لم يسمع بمثلها: ظهر رجل يقال له خلف الحصري بعد اثنتين وعشرين سنة من موت المؤيد بالله هشام، فبويع له، وخطب له على منابر الأندلس في أوقات شتى، وادعي أنه المؤيد بالله هشام، وسفكت الدماء، وتصادمت الجيوش في أمره.
قال عزيز: فأقام المدعى أنه هشام نيفا وعشرين سنة والقاضي محمد بن إسماعيل ابن عباد كالوزير بين يديه والامر إليه، فاستقام بذلك لابن عباد أكثر بلاد الأندلس، ودفع عنه كلام الحساد إلى أن مات هشام.
قلت: هذه الحكاية شبه خرافة، ومن بعد سنة ثلاث وأربع مئة انقطع خبر المؤيد بالله، وانتقل إلى الله، وأظنه قتل سرا، فكان له حينئذ خمسون سنة، وكان ضعيف الرأي، قليل العقل، يصدق بما لا يكون، وله نهمة في جمع البقر البلق (2)، وأعطى مرة مالا عظيما لمن جاءه بحافر حمار، وزعم أنه حافر حمار العزيز، وأتاه آخر بحجر، فقال: هذا من الصخرة

(1) قال الأزهري: الحلفاء: نبت أطرافه محدودة كأنها أطراف سعف النخل والخوص، ينبت في مغايض الماء والنزور، الواحدة حلفه مثل قصبة وقصباء... وكان الأصمعي يقول:
الواحدة: حلفة. وقال سيبويه: الحلفاء واحد وجميع. " تهذيب اللغة " 5 / 69. وفي " معجم متن اللغة ": قال الشهابي: هو من فصيلة النجيليات، يكثر في الجزائر والمغرب والأندلس، يصنعون بورقه الحصر والقفف والحبال، ويستخرجون منها أليافا وكاغدا.
(2) البلق: سواد وبياض، وارتفاع التحجيل إلى الفخذين.
(١٣٢)
مفاتيح البحث: القتل (1)، الموت (1)، العزّة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 127 128 129 130 131 132 133 134 135 136 137 ... » »»