فأخرج لهم المؤيد، وأخرج كتابا قرئ بينهم بأن المؤيد قد خلع نفسه، وسلم الامر إلى الناصر لدين الله عبد الرحمن بن أبي عامر. فشهد من حضر بذلك على المؤيد (1)، وأخذ الناصر هذا في التهتك والفسق، وكان زيهم المكشوفة، فأمر جنده بحلق الشعر، ولبس العمائم تشبها ببني زيري (2)، فبقوا أوحش ما يكون وأسمجه، لفوا العمائم بلا صنعة، وبقوا ضحكة، ثم سار غازيا، فجاءه الخبر بأن محمد بن هشام بن عبد الجبار الأموي ابن عم المؤيد بالله قد توثب بقرطبة، وهدم الزهراء، وأقام معه القاضي ابن ذكوان، وأنفق الأموال في الشطار، فاجتمع له أربع مئة رجل، وأخذ يرتب أموره في السر، ثم ركب، وقصد دار والي قرطبة، فقطع رأسه، فخرج إليه الأستاذ جوذر الكبير، فقال له محمد بن هشام: أين المؤيد بالله؟ أخرجه.
فقال: أذل نفسه، وأذلنا بضعفه. فخرج يطلب أمانه، فقال: أنا إنما قمت لأزيل الذل عنك، فإن خلعت نفسك طائعا، فلك كل ما تحب. ثم طلب ابن المكوي (3) الفقيه، وابن ذكوان (4) القاضي والوزراء، فدخلوا على