سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١٧ - الصفحة ١٢٧
فأخرج لهم المؤيد، وأخرج كتابا قرئ بينهم بأن المؤيد قد خلع نفسه، وسلم الامر إلى الناصر لدين الله عبد الرحمن بن أبي عامر. فشهد من حضر بذلك على المؤيد (1)، وأخذ الناصر هذا في التهتك والفسق، وكان زيهم المكشوفة، فأمر جنده بحلق الشعر، ولبس العمائم تشبها ببني زيري (2)، فبقوا أوحش ما يكون وأسمجه، لفوا العمائم بلا صنعة، وبقوا ضحكة، ثم سار غازيا، فجاءه الخبر بأن محمد بن هشام بن عبد الجبار الأموي ابن عم المؤيد بالله قد توثب بقرطبة، وهدم الزهراء، وأقام معه القاضي ابن ذكوان، وأنفق الأموال في الشطار، فاجتمع له أربع مئة رجل، وأخذ يرتب أموره في السر، ثم ركب، وقصد دار والي قرطبة، فقطع رأسه، فخرج إليه الأستاذ جوذر الكبير، فقال له محمد بن هشام: أين المؤيد بالله؟ أخرجه.
فقال: أذل نفسه، وأذلنا بضعفه. فخرج يطلب أمانه، فقال: أنا إنما قمت لأزيل الذل عنك، فإن خلعت نفسك طائعا، فلك كل ما تحب. ثم طلب ابن المكوي (3) الفقيه، وابن ذكوان (4) القاضي والوزراء، فدخلوا على

(1) انظر " نفح الطيب " 1 / 424 - 426، و " الكامل " 8 / 679، و " تاريخ " ابن خلدون 4 / 148، 149.
(2) هم من البربر، وكانوا ملوك وأمراء إفريقية وما والاها من بلاد المغرب، وجدهم هو الأمير زيري بن مناد، الحميري الصنهاجي، ومن أولاده أبو الفتوح بلكين بن زيري جد باديس بن المنصور بن بلكين، وباديس سترد ترجمته في هذا الجزء برقم (126). وانظر تراجم بني زيري في " وفيات الأعيان " 1 / 265، 266 و 286، 287، و 304 - 306، و 2 / 343، 344، و 5 / 233 - 235. وانظر " معجم الأنساب والأسرات الحاكمة ": 109، و " تاريخ " ابن خلدون 6 / 155، وما بعدها.
(3) هو أبو عمر أحمد بن عبد الملك بن هاشم، المعروف بابن المكوي، سترد ترجمته برقم (120).
(4) هو أبو العباس أحمد بن محمد ذكوان القاضي، متوفى سنة 413، مترجم في " المغرب في حلي المغرب " 1 / 215، 216، و " بغية الملتمس ": 174.
(١٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 122 123 124 125 126 127 128 129 130 131 132 ... » »»