سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١٧ - الصفحة ١٢٥
وقام بتدبير دولة المؤيد بالله الناصر عبد الرحمن أخو المظفر المذكور المعروف بشنشول (1)، فعتا وتمرد، وفسق وتهتك، ولم يزل بالمؤيد بالله حتى خلع نفسه من الخلافة، وفوضها إلى شنشول هذا مكرها، في جمادى الآخرة، سنة تسع وتسعين وثلاث مئة.
ومن قصة شنشول - ويقال: شنجول وهو أصح - أن أباه المنصور غزا غزوة البررت، وهو مكان مضيق بين جبلين لا يمشيه إلا فارس بعد فارس، فالتقى الروم هناك، ثم نزل، وأمر برفع الخيام وبناء الدور والسور، واختط قصرا لنفسه، وكتب إلى ابنه ومولاه واضح بالنيابة على البلاد، يقول في كتابه: ولما أبصرت بلاد أرغون، استقصرت رأي الخلفاء في ترك هذه المملكة العظيمة. فلما علمت الروم بعزمه، رغبوا إليه في أداء القطيعة، فأبى عليهم إلا أن يهبوه ابنة ملكهم الذي من ذرية هرقل، فقالوا: إن هذا لعار. فالتقوه في أمم لا تحصى في وسط بلادهم، وهو في عشرين ألف فارس، فكان للمسلمين جولة، فثبت المنصور وولداه، وكاتبه ابن برد، والقاضي ابن ذكوان في جماعة، فأمر أن تضرب خيمة له، فرآها المسلمون، فتراجعوا، فهزم الله الكافرين، ونزل النصر، ثم حاصر مدينة لهم، فلما هم بالظفر، بذلوا له ابنة الملك، وكانت في غاية الجمال والعقل، فلما شيعها أكابر دولتها، سألوها البر والعناية بهم، فقالت: الجاه لا يطلب بأفخاذ النساء بل برماح الرجال. فولدت للمنصور شنجول هذا، وهو لقب لجده لامه لقب هو به.
ومن مفاخر المنصور: أنه قدم من غزوة، فتعرضت له امرأة عند

(1) انظر " نفح الطيب " 1 / 424 و " الكامل " 8 / 678، 679، و " تاريخ " ابن خلدون 4 / 148، و " البيان المغرب " 3 / 44، وأعمال الاعلام: 91، و " جذوة المقتبس " 17.
(١٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 120 121 122 123 124 125 126 127 128 129 130 ... » »»