سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١٥ - الصفحة ١٥٧
عنه، ونازلوا مدينة سوسة، فبرز المنصور من المهدية والتقوا، فانكسر جيش مخلد على كثرتهم (1)، وأسر هو في سنة 336، فمات بعد الأسر بأربعة أيام من الجراح، فسلخ وحشي قطنا، وصلب (2).
وبنوا مدينة المنصورية مكان الوقعة، فنزلها المنصور (3).
وكان بطلا شجاعا، رابط الجأش، فصيحا مفوها يرتجل الخطب (4). وفيه إسلام في الجملة وعقل بخلاف أبيه الزنديق.
وقد جمع في قصره مرة من أولاد جنده ورعيته عشرة آلاف صبي، وكساهم كسوة فاخرة، وعمل لهم وليمة لم يسمع قط بمثلها، وختنهم جميعا. وكان يهب للواحد منهم المئة دينار والخمسين دينارا على أقدارهم.
ومن محاسنه أنه ولى محمد بن أبي المنظور (5) الأنصاري قضاء القيروان. وكان من كبار أصحاب الحديث، قد لقي إسماعيل القاضي، والحارث بن أبي أسامة، فقال: بشرط أن لا آخذ رزقا ولا أركب دابة (6)، فولاه ليتألف الرعية، فأحضر إليه يهودي قد سب (7)، فبطحه، وضربه إلى أن

(1) " الكامل ": 8 / 434 - 435.
(2) " البيان المغرب ": 1 / 219 - 220.
(3) انظر " البيان المغرب ": 1 / 219. و " معجم البلدان ": 3 / 391 - 392.
(4) " وفيات الأعيان ": 1 / 235.
(5) في " معالم الايمان ": 3 / 54 " ابن أبي المنصور ".
كان - رحمه الله - عالما بأصول الفقه، فاضلا صالحا، لا تأخذه في الله لومة لائم. توفي سنة / 337 / وقد نيف على التسعين.
انظر " قضاة الأندلس وعلماء أفريقية ": 227 و " معالم الايمان ": 3 / 54 - 57.
(6) في " معالم الايمان ": 3 / 55 " فاشترط عليه أن لا يأخذ صلة، ولا يركب لهم دابة، ولا يقبل شهادة من طاف بهم أو قاربهم، ولا يركب إليهم مهنيا ولا معزيا ".
(7) أي: النبي - صلى الله عليه وسلم -
(١٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 152 153 154 155 156 157 158 159 160 161 162 ... » »»