سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١٥ - الصفحة ١٥٣
الأباضية (1) والبربر على مخلد، وأقبل، وكان ناسكا قصير الدلق (2)، يركب حمارا (3)، لكنهم خوارج، وقام معه خلق من السنة والصلحاء، وكاد أن يتملك العالم، وركزت بنودهم (4) عند جامع القيروان فيها: لا إله إلا الله، لا حكم إلا لله. وبندان أصفران فيهما: نصر من الله وفتح قريب. وبند لمخلد فيه: اللهم انصر وليك على من سب نبيك (5). وخطبهم أحمد بن أبي الوليد (6)، فحض على الجهاد، ثم ساروا، ونازلوا المهدية. ولما التقوا وأيقن مخلد بالنصر، تحركت نفسه الخارجية، وقال لأصحابه: انكشفوا عن أهل القيروان، حتى ينال منهم عدوهم، ففعلوا ذلك، فاستشهد خمسة وثمانون نفسا من العلماء والزهاد (7).
وخوارج المغرب إباضية منسوبون إلى عبد الله بن يحيى بن إباض الذي خرج في أيام مروان الحمار (8). وانتشر أتباعه بالمغرب. يقول:
أفعالنا مخلوقة لنا. ويكفر بالكبائر، ويقول: ليس في القرآن خصوص، ومن خالفه حل دمه.

(1) من أكبر فرق الخوارج، وهم أصحاب عبد الله بن يحيى بن إباض. الملقب: بطالب الحق، من أهل اليمن، خلع طاعة مروان بن محمد، وبويع له بالخلافة، واستولى على صنعاء ومكة، قتل سنة / 130 / ه‍.
انظر أخباره في " تاريخ الطبري ": 7 / 348 - 400. وانظر أيضا " الملل والنحل ":
1 / 134 - 136.
(2) الدلق: ثوب متسع الأكمام طويلها (صبح الأعشى) 4 / 42.
(3) كان قد أهدي إليه حين دخل مرماجنة وهي قرية بأفريقية انظر " الكامل ": 8 / 423.
(4) مفردها: بند، وهو العلم الكبير، فارسي معرب.
(5) " البيان المغرب ": 1 / 217.
(6) أيام أبي يزيد، كان هو صاحب مظالم القيروان، والحاكم بها أيام أبي يزيد له ترجمة في " معالم الايمان ": 3 / 75 (ط 1320).
(7) " البيان المغرب ": 1 / 217 - 218.
(8) مروان بن محمد، آخر ملوك بني أمية تقدمت ترجمته في الجزء السادس برقم 17.
(١٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 148 149 150 151 152 153 154 155 156 157 158 ... » »»