سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١٥ - الصفحة ١٦٢
وستين وثلاث مئة. وتلقاه قاضي مصر الذهلي (1) وأعيانها. فأكرمهم، وطال حديثه معهم، وعرفهم أن قصده الحق والجهاد، وأن يختم عمره بالأعمال الصالحة، وأن يقيم أوامر جده رسول الله صلى الله عليه وسلم، ووعظ وذكر حتى أعجبهم، وبكى بعضهم. ثم خلع عليهم (2)، وقال للقاضي أبي الطاهر الذهلي: من رأيت من الخلفاء؟ فقال: واحدا، قال: من هو؟ قال:
مولانا، فأعجبه ذلك (3).
ثم إنه سار حتى خيم بالجيزة. فأخذ عسكره في التعدية إلى الفسطاط، ثم دخل القاهرة، وقد بنى له بها قصر الامارة، وزينت مصر، فاستوى على سرير ملكه، وصلى ركعتين (4).
وكان عاقلا لبيبا حازما ذا أدب وعلم ومعرفة وجلالة وكرم. يرجع في الجملة إلى عدل وإنصاف، ولولا بدعته ورفضه، لكان من خيار الملوك.
قيل: إن زوجته صاحب مصر الاخشيد لما زالت دولتهم، أودعت عند يهودي بغلطاقا من جوهر، ثم إنها طلبته منه، فأنكره وصمم، فبذلت له كمه، فأصر. فما زالت حتى قالت: خذه، وهات كما منه فما فعل. فأتت القصر، فأذن المعز لها، فحدثته بأمرها. فأحضر اليهودي، وقرره فلم يقر. فنفذ إلى داره من أخرب حيطانها فوجدوا جرة فيها البغلطاق، فلما رآه المعز ابتهر من حسنه، وقد نقصه اليهودي درتين باعهما بألف وست مئة دينار. فسلمه إليها، فاجتهدت أن يأخذه هدية منها أو بثمن فأبى. فقالت:

(1) انظر ترجمته في " تاريخ بغداد ": 1 / 313 - 314.
(2) " وفيات الأعيان ": 5 / 227.
(3) " اتعاظ الحنفا ": 189 - 190.
(4) " وفيات الأعيان ": 5 / 227.
(١٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 157 158 159 160 161 162 163 164 165 166 167 ... » »»