يقول: إن لظواهر الآيات والأحاديث بواطن، هي كاللب، والظاهر كالقشر، وقال: لكل آية ظهر وبطن. فمن وقف على علم الباطن، فقد ارتقى عن رتبة التكاليف (1).
وكان أبو عبد الله ذا مكر ودهاء وحيل وربط. وله يد في العلم.
فاشتهر بالقيروان، وبايعته البربر، وتألهوه لزهده، فبعث إليه متولي إفريقية يخوفه ويهدده، فما ألوى عليه. فلما هم بقبضه، استنهض الذين تبعوه، وحارب فانتصر مرات، واستفحل أمره، فصنع صاحب إفريقية صنع محمد ابن يعفر صاحب اليمن، فرفض الامارة، وأظهر التوبة، ولبس الصوف، ورد المظالم، ومضى غازيا نحو الروم، فتملك بعده ابنه أبو العباس بن إبراهيم بن أحمد، ووصل الأب إلى صقلية، ومنها إلى طبرمين (2) فافتتحها. ثم مات مبطونا في ذي القعدة سنة تسع وثمانين ومئتين. كانت دولته ثمانيا وعشرين سنة، ودفن بصقلية (3).
وشهر الشيعي بالمشرقي، وكثرت جيوشه، وزاد الطلب لعبيد الله، فسار بابنه وهو صبي ومعهما أبو العباس أخو الداعي الشيعي فتحيلوا حتى وصلوا إلى طرابلس المغرب، وتقدمهما أبو العباس إلى القيروان، وبالغ زيادة الله الأغلبي (4) في تطلبهما، فوقع بأبي العباس فقرره، فأصر على الانكار، فحبسه برقادة. وعرف بذلك المهدي فعدل إلى سجلماسة، وأقام بها يتجر، فعلم به زيادة الله، وقبض متولي البلد على المهدي وابنه. ثم