سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١٥ - الصفحة ١٤٥
ووقع بعد بينه وبين داعييه لكونه ما أنصفهما، ولا جعل لهما كبير منصب، فشككا فيه خواصهما، وتفرقت كلمة الجنود، ووقع بينهم مصاف (1). فانتصر عبيد الله، وذبح الأخوين (2). ودانت له الأمم. وأنشأ مدينة المهدية (3)، ولم يتوجه لحربه جيش لبعد الشقة ولوهن شأن الخلافة بإمارة المقتدر (4). وجهز من المغرب ولده ليأخذ مصر، فلم يتم له ذلك.
قال أبو الحسن القابسي، صاحب الملخص: (5) إن الذين قتلهم عبيد الله، وبنوه أربعة آلاف في دار النحر في العذاب من عالم وعابد ليردهم عن الترضي عن الصحابة، فاختاروا الموت. فقال سهل الشاعر:
وأحل دار النحر في أغلاله * من كان ذا تقوى وذا صلوات (6) ودفن سائرهم في المنستير (7)، وهو بلسان الفرنج: المعبد الكبير.
وكانت دولة هذا بضعا وعشرين سنة.
حكى الوزير القفطي (8) في سيرة بني عبيد، قال: كان أبو عبد الله الشيعي أحد الدواهي، وذلك أنه جمع مشايخ كتامة ليشككهم في الامام،

(1) لم تذكر كتب التاريخ أن حربا اشتعلت بين المهدي وداعييه أبي عبيد الله وأبي العباس.
(2) انظر " الكامل ": 8 / 50 - 53 و " البيان المغرب ": 1 / 164 - 165.
(3) " الكامل ": 8 / 94.
(4) تقدمت ترجمته برقم / 24 / من هذا الجزء.
(5) هو علي بن محمد بن خلف، المعافري القيرواني، عالم المالكية في عصره، كان حافظا للحديث وعلله، توفي سنة / 403 / وكتابه المشهور " ملخص الموطأ ".
(6) انظر " معالم الايمان ": 3 / 41.
(7) موضع بين المهدية والسوسة بأفريقية، وهو خمسة قصور يحيط بها سور واحد كان يسكنها قوم من أهل العبادة والعلم. انظر " معجم البلدان ": 5 / 209 - 210.
(8) هو علي بن يوسف بن إبراهيم. وزير، مؤرخ، ولد بقفط (من الصعيد الاعلى بمصر) وسكن حلب، فولي بها القضاء، ثم الوزارة، من كتبه المشهورة " إنباه الرواة " وله أيضا كتاب " أخبار مصر " ولم يصلنا، أو أنه مغمور في دور الكتب لم تكشف عنه الأيام. ولعل الذهبي ينقل عنه هنا.. توفي سنة / 646 / ه‍.
(١٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 140 141 142 143 144 145 146 147 148 149 150 ... » »»