قال الصولي: مات الراضي، فبعث بجكم (1) من واسط إلى كاتبه أحمد بن علي الكوفي أن يجمع القضاة والأعيان، ووزير الراضي سليمان بن الحسن، ويشتوروا في إمام، فبعث حسين بن الفضل بن المأمون إلى الكوفي بعشرة آلاف دينار ليشتريه، ونفذ إليه أيضا بأربعين ألف دينار ليفرقها في الامراء فلم ينفع ذلك، وبايعوا إبراهيم، وسنه أربع وثلاثون سنة، وأمه اسمها خلوب، وكان حسن الوجه، معتدل الخلق بحمرة، أشهل، كث اللحية، فصلى ركعتين، وصعد على السرير، ولم يغير شيئا، ولا تسرى على جاريته. وكان ذا صوم وتعبد، ولم يشرب نبيذا، ويقول: لا أريد نديما غير المصحف (2). وأقر في الوزارة سليمان بن الحسن فكان مقهورا مع كاتب بجكم، ثم بعد أيام سقطت القبة الخضراء، وكانت تاج بغداد ومأثرة بني العباس، بناها المنصور علو ثمانين ذراعا، تحتها إيوان طوله عشرون ذراعا في عرضها. فسقط رأسها من مطر ورعد شديد (3)، وكان القحط ببغداد، ثم عزل المتقي وزيره بأحمد بن محمد بن ميمون. وأقبل أبو عبد الله البريدي من البصرة، يطلب الوزارة فوليها ومشى إليه ابن ميمون.
فكانت وزارة ابن ميمون شهرا، لكن هرب البريدي بعد أربعة وعشرين يوما لما شغب الجند بطلب أرزاقهم. فوزر القراريطي (4)، ثم عزل بعد شهر